هادوا. فلما قدم ذكرهم في الابتداء أعاد ذكر اسمه بالتقديم ليدل على أن وضع مبتدأيه (١) على هذا النظم.
ومعنى ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ﴾ قال ابن عباس: يقضي بينهم يوم القيامة.
وفسر الزجاج هذا الفصل والقضاء بين هؤلاء الفرق بإدخال المؤمنين الجنة والآخرين النار، واحتج بقوله بعد هذا ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ﴾. وقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ الآية.
وقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ من أعمال هؤلاء الفرق.
قال ابن عباس: شهيد على ما في قلوبهم عالم به. وقال أهل المعاني: إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يفصل بين الخصوم في الدين يوم القيامة بما يضطر إلى العلم بصحة الصحيح فيبيض وجه المحق ويسود وجه المبطل (٢).
ومعنى الشهيد: العلم بما شاهده، والله -عَزَّ وَجَلَّ- يعلم كل شيء قبل أن يكون بأنه علام الغيوب.
١٨ - قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَر﴾ ألم تعلم؛ لأن المراد الرؤية بالقلب والفعل. وقد ذكرنا هذا في قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا﴾ [البقرة: ٢٤٣] الآية.
وقوله: ﴿يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ قال الفراء: يعني أهل السموات ﴿وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ قال: يعني كل خلق [من الجبال ومن الجن وأشباه

(١) في (أ): (مبتدأ به).
(٢) انظر القرطبي ١٢/ ٢٣ فقد ذكر هذا القول مختصرًا بمعناه، وصدره بقول: قيل.


الصفحة التالية
Icon