ولم يروا شخصاً ينادي بذلك الصوت، ورأوا أنهم يُقتلون، عرفوا أنَّ الله تعالى هو سلَّط عليهم عدوهم بقتلهم النبي الذي بعث فيهم، قالوا عند ذلك: (ياويلنا) (١).
قال قتادة: ما كان هجيراهم (٢) إلا الويل (٣).
﴿إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ قال ابن عباس: لأنفسنا حيث كذبنا رسل ربنا. والمعنى: أنهم اعترفوا بالذنب حين عاينوا العذاب، وقالوا هذا على سبيل التندم حين لم ينفعهم الندم.
١٥ - قال الله تعالى: ﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ﴾ أي: ما زالت الكلمة (٤) التي هي قولهم: يا ويلنا دعاءهم يدعون بها على أنفسهم. أي: لم يزالوا يردّدونها.
قال ابن عباس: ﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ﴾ يريد: قولهم (٥).
وهذا الآية كقوله تعالى: ﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا﴾ [الأعراف: ٥]. الآية.
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ﴾ بالسيوف كما يحصد
(٢) هجّيراهُم: يعني دأبهم وعادتهم وشأنهم. "الصحاح" ٢/ ٨٥٢ (هجر)، "القاموس المحيط" ٢/ ١٥٨.
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٢٢، والطبري ١٧/ ٩، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦١٨ وعزاه لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) في (أ)، (ت): (العلّة)، هو خطأ.
(٥) مثله في "تنوير المقباس" ص ٢٠٠.