لِلنَّاسِ} كما قال ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ٩٦] ويكون ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ رفعا على الابتداء والخبر (١).
وهذا معنى قول الفراء: جعل الفعل -يعني جعلناه- واقعًا على الهاء واللام التي في الناس، ثم استأنف وقال: ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾.
قال: ومن شأنِ العرب أن يستأنفوا بسواء (٢) إذا جاءت بعد حرف قد تم به الكلام، فيقولون: مررت برجل سواءٌ عنده الخير والشر. والخفض جائز. وإنما اختاروا الرفع لأن سواء بمعنى واحد. ولو قلت: مررت على رجل واحد عنده الخير والشر لرفعت (٣).
قال أبو علي: قوله ﴿جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ﴾ أي مستقرًا ومنسكًا (٤) ومتعبدًا. والمعنى على أنه نصبه لهم منسكًا ومتعبدًا (٥) كما قال ﴿وُضِعَ لِلنَّاسِ﴾، وقوله ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ﴾ رفع على أنه خبر ابتداء مقدم، المعنى: العاكف والبادي فيه سواء. ومن نصب فقال (سواء (٦)) أعمل المصدر عمل (٧) اسم الفاعل فرفع (العاكف) (٨) [به كما يرفع بمستواه لو قال: مستويًا فيه العاكف
(٢) في (أ): (السواء)، وهو خطأ.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٢٢. والعبارة الأخيرة فيه: لأن سواء في مذهب واحد، كأنك قلت: مررتُ على رجل واحدُ عند الخير والشر. وليس فيه لرفعت.
(٤) في (أ): (أو منسكا).
(٥) في (أ): (كررت جملة: ، (والمعنى أنه نصب لهم منسكًا ومتعبدًا).
(٦) قرأ حفص عن عاصم: (سواء) نصبًا، وقرأ الباقون (سواء) رفعا. "السبعة" ص ٤٣٥، "التبصرة" ص ٢٦٦، "التيسير" ص ١٥٧.
(٧) في (ظ)، (ع): (على)، وهو خطأ.
(٨) في "الحجة" ٥/ ٢٧١: فرفع (العاكف فيه) كما يرفع.