الله في الإبل والبقر بجرح سنامها من الجانب الأيمن وهي مستقبلة القبلة كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وأما الغنم فإنها ضعيفة لا تحتمل الإشعار. والشعيرة بمعنى المُشْعَرة، وذكرنا الكلام في هذا عند قوله: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨].
وعلى هذا القول المُهْدِي مندوب إلى طلب الأسمن والأعظم من الهدايا لقوله تعالى ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ ومن الشعائر التي أريد بها الضحايا قول الكُميت:
نُقَتِّلهُم جيلًا فجيلاً نَرَاهُمُ... شَعَائِر قُرْبَانٍ بِهِم يُتَقَرَّبُ (١)
وهذا القول اختيار الزجاج؛ لأنه قال: والذي يعني به هاهنا البُدن (٢).
وقوله: ﴿فَإِنَّهَا﴾ قال الفراء: يريد: فإن الفعلة كما قال: ﴿إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأعراف: ١٥٣] ومن بعده جائز. ولو قيل: فإنه من تقوى القلوب كان جائزًا. هذا كلامه (٣).
قال أبو رياش القيسي في "شرحه لهاشميات الكميت" ص ٦٧: (جيلًا فجيلا: جيشًا وخلقًا بعد خلق. يقول: نجعل قتل الخوارج قربة إلى الله كما تُقرب الشعائر إلى الله.
(٢) "معانى القرآن" للزجاج ٣/ ٤٢٦.
(٣) "معانى القرآن" للفراء ٢/ ٢٢٥.