وبالكثرة (١) قلة، وبالحياة هلاكًا، وبالعمارة خرابًا؟ (٢).
وقال أبو إسحاق: أي: ثم أخذتهم، فأنكرت أبلغ إنكار (٣).
٤٥ - ﴿فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ﴾ (٤) أي: وكم من قرية. ومعنى وكم من قرية: عدد كثير (٥). يعني القرى المهلكة بظلم أهلها حين كذبوا نبيهم. وذكرنا الكلام في "كأين" في سورة آل عمران (٦).
وقوله (٧): "أهلكتها" وقرئ "أهلكناها" (٨) والاختيار التاء؛ لقوله ﴿فَأَمْلَيْتُ﴾ ﴿ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ﴾ (٩). ومن قرأ بالنون ذهب إلى أمثاله مما ذكر بلفظ الجمع كقوله: ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ﴾ [الأنبياء: ١١] و ﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾ [الأعراف: ٤] و ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ﴾ [يونس: ١٣] (١٠).

(١) في (ج): (والكثرة).
(٢) هذا كلام الطبري ١٧/ ١٧٩ مع تصرف.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤٣١.
(٤) في (أ)، (ظ)، (د): (وكأيّن)، وهو خطأ.
(٥) هذا من كلام الزجاج. انظر: "معاني القرآن" ٣/ ٤٣١.
(٦) عند قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ [آل عمران: ١٤٦].
(٧) (وقوله): ليست في (أ).
(٨) قرأ أبو عمرو: "أهلكتها" بالتاء مضمومة من غير ألف على لفظ التوحيد، وقرأ الباقون: "أهلكناها" بالنّون بلفظ الجمع.
انظر: "السبعة" ص ٤٣٨، "التبصرة" ص ٢٦٧، "التيسير" ص ١٥٧.
(٩) قال مكي في الكشف ٢/ ١٢١ - ١٢٢: وحجة من قرأ بالتاء أنه حمله على لفظ التوحيد الذي أتى بالتاء قبله وهو قوله: "فأمليت للكافرين ثم أخذتهم"، وحمله أيضًا على لفظ التوحيد بعده في قوله: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [الحج: ٤٨] فكان حيل الكلام على ما قبله وما بعده أحسن وأليق.
(١٠) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٥/ ٢٨١ - ٢٨٢ مع تصرف. =


الصفحة التالية
Icon