وهذا معنى قول الفراء: الرسول: النبي المرسل، والنبي: المحدَّث (١) الذي لم يرسل (٢).
قوله: ﴿إِلَّا إِذَا تَمَنَّى﴾ قال ابن عباس -في رواية عطاء- إلا إذا قرأ (٣) وهذا معنى قول المفسرين: تلا (٤) وقال مجاهد: إذا قال (٥).
وذكرنا التَّمنّي بمعنى التلاوة والقراءة مستقصى بذكر الحجج (٦) في سورة البقرة عند قوله: ﴿إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة: ٧٨].
قوله: ﴿أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ أي: تلاوته.
قال المفسرون -بألفاظ مختلفة ومعاني متفقة-: إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان حريصًا على إيمان قومه أشد الحرص، فجلس يومًا في ناد من أنديتهم (٧)، وقرأ عليهم سورة النجم (٨)، فلما أتى على قوله ﴿أَفَرَأَيْتُمُ

= كلًا منهما مرسل، وأنهما مع ذلك بينهما تغاير.
وانظر: "النكت والعيون" للماوردي ٤/ ٣٦، "تفسير الرازي" ٢٣/ ٤٦، "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" ١٨/ ٧، "روح المعاني" للألوسي ١٧/ ١٧٢ - ١٧٣، "أضواء البيان" للشنقيطي ٥/ ٧٣٥.
(١) المحدث: هو الملهم. "لسان العرب" ٢/ ١٣٤ (حدث).
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٢٩.
وقوله عن النبي أنه الذي لم يرسل يردُّه كما تقدم قوله {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ﴾ الآية.
(٣) روى البخاري في "صحيحه" ٨/ ٤٣٨ تعليقًا، والطبري في "تفسيره" ١٧/ ١٩٠ من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله (إذا تمنى) إذا حدث.
(٤) انظر: الطبري ١٧/ ١٩٠، الثعلبي ٣/ ٥٥ أ، "الدر المنثور" ٦/ ٦٩.
(٥) رواه الطبري ١٧/ ١٩٠.
(٦) في جميع النسخ: (الحج)، والصواب ما أثبتناه.
(٧) في (أ): (أيديهم)، وهو خطأ.
(٨) في (د)، (ع): (سورة والنجم).


الصفحة التالية
Icon