المعنى: الأمر ذلك، أي (١): الأمر ما قصصنا عليكم (٢).
ثم قال: ﴿وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ﴾ أي: من جازى الظالم بمثل ما ظلمه. وسمي جزاء العقوبة عقوبة لاستواء الفعلين في جنس المكروه كقوله ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠]، فالأول سيئة والمجازاة عليها سميت سيئة بأنها وقعت إساءة بالمفعول به، لأنه فعل [به] (٣) ما يسوؤه (٤). وذكرنا هذا في قوله ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة: ١٥].
قال الحسن: ﴿وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ﴾ يعني: قاتل المشركين كما قاتلوه (٥).
﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ﴾ أي: ظلم بإخراجه من منزله.
قيل: إنها نزلت في قوم من المسلمين قاتلوا قومًا من المشركين غير مبتدئين بالقتال بل دفعًا لهم عن أنفسهم، ثم أخرجوا من ديارهم (٦).
قال الضحاك، عن ابن عباس في قوله ﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ﴾: يعني ما أتاه المشركون من البغي على المسلمين حين أحوجوا (٧) إلى مفارقة أوطانهم (٨).

(١) (أي): ساقطة من (أ).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤٣٥.
وعلى هذا "ذلك" خبر مبتدأ مُضمر، وانظر "الإملاء" للعكبري ٢/ ١٤٦، "الدر المصون" ٨/ ٢٩٦.
(٣) زيادة من معاني الزجاج يستقيم بها المعنى.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٣٠/ ٤٣٥ مع اختلاف يسير.
(٥) ذكره عنه البغوي ٥/ ٣٩٧.
(٦) انظر: "التهذيب في التفسير" للجشمي ٦/ ١٨٦ ب.
(٧) في (أ): (حين أخرجوا)، وفي (ظ): (حتى أخرجوا).
(٨) ذكره البغوي ٥/ ٣٩٧ من غير نسبة لأحد.


الصفحة التالية
Icon