قال الخليل: المعنى فهو مما ينطق (١). هذا كلامهم.
وعند النحويين (٢) يجوز الرفع في الجواب بالفاء على تقدير الاستئناف، كقراءة من قرأ ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ﴾ [البقرة: ٢٤٥] بالرفع (٣)، أي: فهو يضاعفه (٤) وكما رفع في هذه الآيات. وذكرنا عند قوله ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ﴾ [البقرة: ٢٤٣] أن (٥) ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ تكون بمعنى التنبيه.
فحصل في هذه الآية وجهان: أحدهما: أن قوله [فتصبح] ليس بجواب الاستفهام؛ لأنَّ هذا استفهام معناه التنبيه.
والثاني: أنه جواب الاستفهام بالرفع على ما ذكره النحويون.
قال ابن عباس وغيره: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ يعني المطر (٦) ﴿فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ بالنبات (٧) ﴿إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ﴾

(١) قول الخليل في "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٤٦. وهو بنحوه في "الكتاب" ٣/ ٣٧.
(٢) انظر: "الكتاب" ٣/ ٣١، "ارتشاف الضرب" لأبي حبان ٢/ ٤٠٨ - ٤٠٩، "شرح المفصل" لابن يعيش ٧/ ٣٦ - ٣٧.
(٣) قرأ أبو عمرو، ونافع، وحمزة، والكسائي: "فيضاعفه" بالألف ورفع الفاء.
وقرأ ابن كثير: "فيضعّفُه" بغير ألف وتشديد العين ورفع الفاء.
وقرأ ابن عامر: "فيضعّفَه" بغير ألف وتشديد العين ونصب الفاء.
وقرأ عاصم: "فيضاعفه" بألف ونصب الفاء.
"السَّبعة" ص ١٨٤ - ١٨٥، "التبصرة" ص ١٦١، "التيسير" ص ٨١.
(٤) أو يكون معطوفًا على "يقرض الله"، انظر "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ١٣٩، "إبراز المعاني" لأبي شامة ٣٦٣.
(٥) أنّ: ساقطة من (ظ)، (د)، (ع).
(٦) ذكره ابن الجوزي ٥/ ٤٤٧ من غير نسبة لأحد.
(٧) ذكره البغوي ٥/ ٣٩٧، وابن الجوزي ٥/ ٤٤٧ من غير نسبة لأحد.


الصفحة التالية
Icon