منكم، أوعدهم الله تعالى على سطوتهم بأهل الحق عقوبة هي شر من سطوتهم بالذي يتلو القرآن (١).
٧٣ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾ قال أبو إسحاق: لما عبدوا من دون الله ما لا يسمع ولا يبصر وما لم ينزل به حجة، أعلمهم الله الجواب فيما جعلوه له مثلاً، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ يعني الأصنام (٢).
قال ابن عباس، والكلبي، ومقاتل (٣): ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ وهو يعني كفار مكة ﴿ضُرِبَ مَثَلٌ﴾ يعني ذكر شبه الصنم ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾. ثم أخبر عنه فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يعني: تعبدون من دون الله من الأصنام، وكانت ثلاثمائة وستين صنمًا حول الكعبة ﴿لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا﴾ لن يستطيعوا أن يخلقوا ذبابًا في صغره وقلته.
وقال الأخفش في هذه الآية: إن قيل فأين (٤) المثل الذي ذكره الله في قوله ﴿ضُرِبَ مَثَلٌ﴾؟ قلت: ليس هاهنا مثل؛ لأن المعنى أن الله تعالى قال: ضرب لي مثل، أي: شبه بي الأوثان، ثم قال: فاستمعوا لهذا المثل الذي جعلوه مثلي في قولهم، إنهم لن يقدروا على خلق ذباب ولو اجتمعوا له، أي: فكيف تُضرب هذه الآلهة في ضعفها وعجزها مثلاً لله وهو رب كل شيء ليس له شبه ولا مثل (٥).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤٣٨.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢/ ٢٨ ب.
(٤) في (ظ)، (د)، (ع): (أين).
(٥) "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٣٧ مع تصرف. وقول الأخفش هذا محل نظر، فإن =