وقال أبو العالية -في هذه الآية-: يعني النطفة (١).
قال المفسرون (٢) إنَّ كل شيء حي فهو مخلوق من الماء كقوله: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ﴾ [النور: ٤٥].
وعلى هذا لا يتعلق قوله: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ﴾ بما قبله، وهو احتجاج آخر على المشركين.
وقوله تعالى: ﴿أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ أي: أفلا يصدقون بعد هذا البيان.
٣١ - قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ﴾ ذكرنا تفسير هذه القطعة عند قوله: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ في سورة النحل [آية: ١٥].
وتقدير قوله: ﴿أَنْ تَمِيدَ﴾ كتقدير قوله: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: ١٧٦] وقوله: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾ [البقرة: ٢٨٢] وذكرنا الخلاف بين النحويين في هذه المسألة (٣).
(٢) انظر: "الطبري" ١٧/ ٢٠، و"الثعلبي" ٣/ ٢٩ أ.
(٣) انظر: "البسيط" عند قوله تعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾. وقد اختلف النحويون في تقدير "أن تميد" ونحوها من الآيات فعند الكوفيين "إنْ" بمعنى لئلا، أو ألَّا، على تقدير: لئلا تميد، لئلا تضلوا. وقال البصريون: المحذوف هاهنا مضاف، على تقدير: مخافة أن تميد أو كراهة أن تميد، وكراهة أن تضلوا. ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إلى مقامه، قالوا: و"لا" حرف جاء لمعنى النفي فلا يجوز حذفه، وحذف المضاف أسوغ وأشيع من حذف "لا".
انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٩٧، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٥١١، =