وقال أبو زيد: اكتلأت من الرجل اكتلاءً، إذا ما احترست منه. ويقال: أكتلأت عيني، إذا حذرت أمرًا فأسهرك (١) فلم تنم (٢).
وقال المبرد: أكتلأت بهذه الدار إذا تحصَّنت بها وجعلتها تحفظك.
قال ابن عباس: يريد من يمنعكم (٣) ﴿بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ﴾.
وقال الكلبي: ﴿مِنَ الرَّحْمَنِ﴾ من عذاب الرحمن (٤).
قال أبو إسحاق: معناه: من يحفظكم من بأس الرحمن (٥). كما قال: ﴿فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ﴾ [هود: ٦٣] أي: عذاب الله، كما قال في موضع آخر: ﴿فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ﴾ [غافر: ٢٩]. ونحو هذا قال الفراء (٦).
والمعنى: من يحفظكم مما يريد الرحمن إحلاله بكم من عقوبات الدنيا والآخرة. وهو استفهام إنكار، أي: لا أحد يفعل ذلك (٧).
وقال مجاهد في هذه الآية: من يدفع عنكم بالليل والنهار إلا
(٢) "تهذيب اللغة" للأزهري ١٠/ ٣٦١ - ٣٦٢ (كلأ) نقلاً عن أبي زيد.
(٣) ذكره البغوي ٥/ ٣٢٥ منسوبًا إلى ابن عباس. وقد روى الطبري ١٧/ ٢٩ عن ابن عباس قال: يحرسكم.
(٤) ذكر هذا القول الرازي ٢٢/ ١٧٤، والقرطبي ١١/ ٢٩، والسمين الحلبي في "الدر المصون" ٨/ ١٦٠ من غير نسبة لأحد.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٩٣.
(٦) انظر: "معاني القرآن" ٢/ ٢٠٤.
(٧) وعلى هذا يكون المعنى: لا كالئ لكم يحفظكم من عذاب الله البتة إلا الله تعالى؛ أي: فكيف تعبدون غيره؟. وقال أبو حيان في "البحر" ٦/ ٣١٤: هو استفهام وتوبيخ. فعلى هذا يكون توجه إليهم بالتقريع والتوبيخ: كيف يصرفون حقوق الذي يحفظهم بالليل والنهار إلى ما لا ينفع ولا يضر.