الفسق (١). قال: والقياس أيضًا هذا؛ لأن الله -عز وجل- يقول في الشهادات ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ [البقرة: ٢٨٢] فليس القاذف بأشد جرمًا من الكافر، فحقّه إذا تاب وأصلح أن تقبل شهادته، كما أن الكافر إذا أسلم وأصلح قبلت شهادته.
فإن قال قائل: فما الفائدة في قوله ﴿أَبَدًا﴾؟ قيل: الفائدة أن الأبد لكل إنسان مقدار مدته في حياتهن ومقدار مدته فيما يتصل بقصته، فتقول: الكافر لا تقبل منه (٢) شيئًا أبدًا، معناه: ما دام كافرًا فلا تقبل منه شيئًا (٣)، وكذلك إذا قلت: القاذف لا تقبل منه شهادة أبدًا، فمعناه: ما دام قاذفًا، فإذا زال عنه الكفر فقد زال عنه أبده، وإذا زال عنه الفسق (٤) فقد زال أبده، لا فرق بينهم في ذلك (٥).
وهذا الذي ذكره معنى قول الشافعي -رضي الله عنه-: وإذا قبلتم توبة الكافر والقاتل عمدًا فكيف لا تقبلون شهادة القاذف وهو أحسن دينا! وقد قال الشعبي: يقبل الله توبته ولا تقبلون شهادته (٦).

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٣٢.
(٢) (منه) ساقطة من (أ).
(٣) عند الزجاج: لا يقبل منه شيء أبدًا، فمعناه: ما دام كافرًا فلا يُقبل منه شيء.
(٤) في المطبوع من المعاني: القذف.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٣١ مع اختلاف يسير.
(٦) "الأم" ٧/ ٤١ - ٤٢ مع اختلاف يسير.
وقول الشعبي رواه عبد الرزاق في "مصنفه" ٧/ ٣٨٨، ٨/ ٣٦٣ وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص ١٥١، وسعيد بن منصور في "تفسيره" (ل ١٥٨ أ)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ١٠/ ١٥٣.
ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ٦/ ١٧٠، والطبري ١٨/ ٧٧ بنحوه.


الصفحة التالية
Icon