أن يكون من صلة (شهادة أحدهم)، فتكون الجملة التي هي من ﴿إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ في موضع نصب؛ لأن الشهادة كالعلم فتتعلق بها (إنَّ) كما تتعلق بالعلم، والجملة في موضع نصب بأنه مفعول به، و (أربع شهادات) تنتصب انتصاب المصدر. ومن رفع (أربع شهادات) لم يكن قوله (١) ﴿إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ في موضع نصب إلَّا من صلة شهادات دون صلة شهادة؛ لأنك إن جعلته من صلة شهادة) فصلت بين الصلة والموصول (٢).
وأما تفسير قوله: ﴿أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [النور: ٨]:
فروى عكرمة، عن ابن عباس: أن هلال بن أمية لما قذف زوجته بشريك بن السحماء أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأمر بضربه إذ نزل عليه الوحي، فقال: "أبشر يا هلال قد جعل الله لك فرجًا ومخرجًا". فقال هلال: قد كنت أرجو ذاك من ربي. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أرسلوا إليها" فأرسلوا إليها فجاءت، فتلاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهما، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا. فقال هلال (٣): والله يا رسول الله لقد صدقت عليها: فقالت: كذب. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنّ الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ " فقال هلال: صدقت (٤)، وما قلت إلَّا حقًّا.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لاعنوا بينهما"، فقيل لهلال: اشهد. فشهد أربع

(١) في جميع النسخ: (كقوله)، والتصويب من الحجة.
(٢) "الحجة" لأبي علي الفارسي ٥/ ٣١٠ - ٣١١. مع اختلاف يسير.
وانظر: "الكشف" ٢/ ١٣٤، و"مشكل إعراب القرآن" ٢/ ٥٠٩ كلاهما لمكي بن أبي طالب، "البيان" للأنباري ٢/ ١٩٢، "الدر المصون" للسمين ٨/ ٣٨٥ - ٣٨٦.
(٣) (هلال) ساقطة من (أ).
(٤) (صدقت) ساقط من (أ).


الصفحة التالية
Icon