﴿أَنْ يُؤْتُوا﴾ قال الزَّجَّاج (١)، وابن قتيبة (٢): أن لا يؤتوا فحذف (لا).
وعلى قول أبي عبيدة (٣) لا يحتاج إلى إضمار لا.
﴿أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يعني مسطحًا ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا﴾ يعني وليتركوا وليتجاوزوا عن مسطح (٤).
قال ابن عباس: يريد فقد جعلت فيك يا أبا بكر الفضل، وجعلت عندك السعة والمعرفة بالله وصلة الرحم، فتعطف على مسطح، فله قرابة، وله هجرة، وله مسكنة، ومشاهد رضيتها منه يوم بدر (٥).
﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قال مقاتل بن سليمان: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر: "أما تحب أن يغفر الله لك"؟ قال: بلى. قال: "فاعف واصفح". فقال أبو بكر: قد عفوت وصفحت لا أمنعه معروفًا بعد

= من حديث عائشة رضي الله عنها خبر الإفك، وفيه: "فلمّا أنزل الله براءتي قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فقال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا".
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٣٦.
(٢) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٠٢.
(٣) أن معنى (يأتل): يقصر.
(٤) انظر: "الطبري" ١٨/ ١٠٢، وابن أبي حاتم ٧/ ٢٧ ب، و "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٦ ب.
(٥) رواه الطبراني في "الكبير" ٢٣/ ١٤٩ من طريق عطاء، عن ابن عباس.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ١٥١ وعزاه للطبراني، وتصحفت فتعطف في "الدر" إلى: فتسخط.


الصفحة التالية
Icon