والوجه قول أبي إسحاق لدخول قلوب المؤمنين والكافرين فيما ذكر من التفسير (١).
٣٨ - قوله تعالى: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ﴾ اللام تتعلق (٢) بقوله ﴿يُسَبِّحُ لَهُ﴾ أي: يسبحون له تعالى ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا﴾ (٣).

(١) قال ابن عطية ١٠/ ٥١٧ - بعد ذكره لهذا القول الذي ذكره الواحدي عن الفراء والزجاج وابن قتيبة-: وليس يقتضي هولًا. قال: ومقصد الآية هو وصف هول يوم القيامة.. وإنما معنى الآية عندي أنَّ ذلك اليوم -لشدة هوله ومطلعه- القلوب والأبصار فيه مضطربة قلقة متقلّبة من طمع في النجاة إلى طمع، ومن حذر هلاك إلى حذر، ومن نظر من هول إلى النظر في الآخر. اهـ.
واستبعد أبو حيان ٦/ ٤٥٩ القول الذي ذكره الواحدي، واستظهر ما قاله ابن عطية. واستظهر الشنقيطي -رحمه الله- في "أضواء البيان" ٦/ ٢٤٠ أن تقلب القلوب هو حركتها من أماكنها من شدة الخوف كما قال تعالى: ﴿إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ﴾ [غافر: ١٨]، وأن تقلب الأبصار هو زيغوغتها ودورانها بالنظر في جميع الجهات من شدة الخوف، كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ [الأحزاب: ١٩]، وكقوله: ﴿وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ [الأحزاب: ١٠]، فالدوران والزيغوغة المذكوران يُعلم بهما معنى تقلب الأبصار، وإن كانا مذكورين في الخوف من المكروه في الدنيا. اهـ.
(٢) في (أ): (متعلق).
(٣) قال السمين الحلبي في كتابه "الدر المصون" ٨/ ٤١١ - بعد حكايته لهذا القول-: ويجوز تعلّقه بمحذوف، أي: فعلوا ذلك ليجزيهم. اهـ.
وجوَّز أبو البقاء العكبري في "الإملاء" ٢/ ١٥٦ أن تتعلق اللام بـ"يسبح"، وبـ"لا تلهيهم"، وبـ"يخافون".
واستظهر أبو حيان ٦/ ٤٥٩ تعلّقها بيسبح.
وجعل الزمخشري ٣/ ٦٩ اللام متعلقة بيسبح ويخافون، فقال: والمعنى: يسبحون ويخافون ليجزيهم.


الصفحة التالية
Icon