قال أبو إسحاق: أي يجعل القطع المتفرقة من السحاب قطعة واحدة (١).
قال الفراء: (بين) لا يصلح إلا [مضافًا إلى] (٢) اثنين (٣) فما زاد، وفي الآية ﴿يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ لأنَّ السحاب واحد في اللفظ ومعناه جمع، ألا ترى قوله ﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ [الرعد: ١٢]، وواحدته: سَحَبة، وهو بمنزلة: (نخلة ونخل) و (شجرة وشجر)، وأنت قائل: فلان بين الشَّجر وبين النَّخل، والذي لا يصلح من ذلك قولك: (المال بين زيد)، فهذا خطأ حتى تقول: بين زيد وعمرو، وإن نويت يزيد أنَّه اسم لقبيلة جاز ذلك، كما تقول: (المال بين [تميم) (٤).
وقال الزجاج: يجوز أن يكون السحاب جمع سحابه ويكون ﴿بَيْنَهُ﴾ أي: بين] (٥) جميعه. ويجوز أن يكون السحاب واحد إلا أنَّه قال ﴿بَيْنَهُ﴾ لكثرته (٦)، كما تقول: ما زلت أدور بين الكوفة؛ لأن الكوفة اسم ينتظم أمكنة كثيرة (٧).
وقوله ﴿ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا﴾ قال اللَّيث: الرَّكم: جمعك شيئًا فوق شيء حتى تجعله مركومًا ركامًا (٨).

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٩.
(٢) ساقط من (ظ).
(٣) في (ظ)، (ع): (اسمين).
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٥٦.
(٥) ساقط من (ظ)، (ع).
(٦) في (أ): (لره).
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٩ مع اختلاف يسير.
(٨) قول الليث في "تهذيب اللغة" للأزهري ١٠/ ٢٤٢ (ركم)، وهو في "العين" ٥/ ٣٦٩ (ركم).


الصفحة التالية
Icon