وقوله ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ﴾ قال الفراء، والزَّجَّاج (١): إنما جاءت اللام؛ لأنَّ العدة قولٌ يصلح فيها أن، ويصلح فيها جواب اليمين، تقول: وعدتك أن آتيك، ووعدتك لآتينك، ومثله: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ﴾ [يوسف: ٣٥] وتقول: وعدته لأكرمنه، بمنزلة قلت؛ لأن الوعد لا ينعقد إلا بقول (٢). وقد فسرنا هذا في غير هذا الموضع.
ومعنى ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ﴾ ليجعلنهم يخلفون من قبلهم.
قال المفسرون: أي لنورثنهم أرض الكفّار من العرب والعجم فنجعلهم ملوكها وساستها وسكانها (٣).
وعلى هذا الآية عامة في المؤمنين.
وخصص بعضهم الآية بالخلفاء والولاة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وهو قول ابن عباس في رواية عطاء، ومعنى قول مقاتل بن حيان.
قال ابن عباس -في هذه الآية-: يريد أبا بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- ومن
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ٢١٦ وعزاه أيضًا لابن المنذر وابن مردويه. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٨٣: ورجاله ثقات.
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٥٨، "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٥١.
(٢) وفي مجيء اللام في (ليستخلفنهم) وجه آخر، وهو أن اللَّام جواب قسم مضمر أي: أقسم ليستخلفنهم، ويكون مفعول الوعد محذوفًا تقديره: وعدهم الاستخلاف لدلالة (ليستخلفنهم) عليه. أو التمكين لدينكم. انظر: "البحر المحيط" لأبي حيان ٦/ ٤٦٩، "الدر المصون" للسمين الحلبي ٨/ ٤٣٤.
(٣) الثعلبي ٣/ ٨٨ ب، والطبري ١٨/ ١٥٨.