هذا كلامه (١).
وقال أبو علي: من قرأ بالياء جاز أن يكون فاعل الحسبان أحد شيئين: إنما أن يكون قد أضمر (٢) ضمير النبي -صلى الله عليه وسلم- كأنه قال: لا يحسبن النبي الذين كفروا معجزين (٣)، ويجوز أن يكون فاعل الحسبان: الذين كفروا، ويكون المفعول الأول محذوفًا تقديره: لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم (٤).
وهذا هو الوجه الذي ذكره أبو إسحاق. والوجه قراءة العامة بالتاء لظهور مفعولي الحسبان.
قال مقاتل (٥)، والكلبي في هذه الآية: لا يحسبن الذين كفروا فايتين في الأرض هربًا حتى يخزيهم بكفرهم.
وقوله: ﴿وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ [قال صاحب النظم: لا يحتمل أن يكون هذا متصلًا بقوله ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ﴾، [لأن ذلك نفيٌ، وقوله ﴿وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾] (٦) إيجاب لا نفي. فهو معطوف بالواو على مضمر قبله تقديره: لا يحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض]] (٧) بل مقدور عليهم ومحاسبون ومأواهم النار (٨).

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٥٢.
(٢) في (أ)، (ع): (يضمر)، والمثبت من (ظ)، وفي "الحجة": قد تضمَّن ضميرًا للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
(٣) في (ع) زيادة: (في الأرض)، وهو انتقال نظر من الناسخ إلى ما بعده.
(٤) "الحجة" للفارسي ٥/ ٣٣٢.
(٥) "تفسير مقاتل" ٢/ ٤١ أ.
(٦) ساقط من (ظ).
(٧) ساقط من (ع).
(٨) ذكره أبو حيان ٦/ ٤٧٠ عن صاحب النظم بأخصر مما هنا. ثم قال: واستبعد العطف من حيث إن (لا تحسبن) نهي (ومأواهم النار) جملة خبرية فلم يناسب =


الصفحة التالية
Icon