قوله: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] ولو كانت صفة لم تجز إضافته إلى نفسه (١). وسنذكر هذا الفصل مشروحًا إذا انتهينا إلى هذه الآية (٢) ﴿عَلَى عَبْدِهِ﴾ محمد -عليه السلام- (٣). ليكون محمد بالقرآن ﴿لِلْعَالَمِينَ﴾ يعني الجن، والإنس (٤) ﴿نَذِيرًا﴾ مخوفًا من عذاب الله، هذا قول المفسرين في النذير أنه: محمد -عليه السلام-، وأجاز آخرون أن يكون النذير هو: القرآن، وقالوا: إنه نذير للعالمين إلى يوم القيامة (٥).

(١) "المسائل الحلبية" ٢٩٩. وفيه: إن الدلالة قد قامت على أن القرآن لا يكون صفة كما جاز أن يكون الفرقان صفة، ألا ترى أن القرآن قد أضيف إلى ضمير التنزيل في قوله: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] ولو كان صفة لم تجز هذه الإضافة فيها؛ لأن من أضاف المصدر إلى الفاعل نحو قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾ [البقرة: ٢٥١] لم يضف إليه اسم الفاعل فيقول: هذا ضاربُ زيد، فيضيف الصفة إلى الفاعل؛ من حيث كان اسم الفاعل هو الفاعل في المعنى، والشيء لا يضاف إلى نفسه... وقد نقله الواحدي بالمعنى.
(٢) لم أجد في تفسير الواحدي لهذه الآية ما يتعلق بهذه المسألة، حيث ذكر فيها معنى جمع القرآن في الآية، المراد به، ونقل أقوال المفسرين وأهل اللغة في ذلك. والله أعلم.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٦٠، عن ابن إسحاق.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٦٠، عن ابن عباس. قال السمرقندي ٢/ ٤٥٣: وأراد هاهنا جميع الخلق. وقد يذكر العام ويراد به الخاص من الناس كقوله -عز وجل-: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: ٤٧، ١٢٢] أي: على عالمي زمانهم. ويذكر ويراد به جميع الخلائق كقوله تعالى: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. قال ابن زيد: لم يرسل الله رسولاً إلى الناس عامة إلا نوحاً -صلى الله عليه وسلم- بدأ به الخلق، فكان رسولَ أهل الأرض كلهم، ومحمدًا -صلى الله عليه وسلم- ختم به. أخرجه ابن جرير ١٨/ ١٨٠. قال البرسوي ٦/ ١٨٨: وأما نوح -عليه السلام- فإنه وإن كان له عموم بعثة لكن رسالته ليست بعامّة لمن بعده.
(٥) ويشهد له قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩] حيث =


الصفحة التالية
Icon