لم يكن ليُفهمهم حتى يكون رجلاً (١). وقال الفراء: ﴿لَوْلَا﴾ بمنزلة هلَّا (٢). ونصب ﴿فيكونَ﴾ على الجواب بالفاء للاستفهام (٣).
٨ - قوله تعالى: ﴿أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ قال الفراء: هو مرفوع بالرد على ﴿لَوْلَا﴾ كقولك في الكلام: أو هلا يلقى إليه كنز (٤)، ونحو هذا قال الزجاج: هو عطف على الاستفهام (٥).
قال ابن عباس، ومقاتل: أو ينزل إليه مال من السماء ﴿أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ﴾ بستان (٦) ﴿يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ قال ابن عباس: يأكل من ثمارها.
قال أبو علي الفارسي: قال الكفار: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا﴾ ليَبِين منا باقتران الملَك به وكونه معه نذيرًا، ويفترق من جملتنا. وكذلك اقترحوا عليه إلقاء كنز عليه، أو كون جنة تختص بما يأكل منها، حتى يتبين في (٧) مأكله منهم، كما تبين باقتران الملَك به عليهم من الكفار، فقالوا فيما أخبر الله عنهم: ﴿أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا﴾ [التغابن: ٦] وأنكروا أن يكون لمن ساواهم في البشرية حال ليست لهم! وقد احتج الله سبحانه عليهم في ذلك بقوله: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا﴾ الآية [الأنعام: ٩] وبقوله ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ الآية [يوسف: ١٠٩، النحل: ٤٣]. ومن قرأ:
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٢.
(٣) "معاني القرآن " للزجاج ٤/ ٥٨، بنصه.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٣، بتصرف، ويعني به: ﴿تكونُ﴾.
(٥) "معاني القرآن " للزجاج ٤/ ٥٩.
(٦) "تنوير المقباس" ص ٣٠١، و"تفسير مقاتل" ص ٤٣ أ. وذكره ابن جرير ١٨/ ١٨٤، والثعلبي ٨/ ٩٢ ب.
(٧) (في) من نسخة (ج). وهو موافق لما في كتاب أبي علي؛ "الحجة" ٥/ ٣٣٥.