قوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا﴾. قرئ بجزم اللام ورفعه (١)؛ فمن جزم فلأن المعنى: إن يشأ يجعلْ لك جنات ويجعلْ لك قصورًا. هذا قول أبي إسحاق (٢). وشرحه أبو علي؛ فقال: من جزم ﴿وَيَجْعَلْ لَكَ﴾ عطفه على موضع: جعل؛ لأن موضع جعل جزم بأنه جزاء الشرط فإذا جزم ﴿يَجْعَلْ﴾ حمله على ذلك، وإذ كانوا قد جزموا ما لم يلِه فعل لأنه في موضع جزم كقراءة من قرأ: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ﴾ [الأعراف: ١٨٦] (٣) فالفعل أولى أن يحمل عليه من حيث كان الفعل بالفعل أشبه منه بغير الفعل، وحكم المعطوف أن يكون مناسبًا للمعطوف عليه ومشابهًا له. ومن رفع قطعه مما قبله واستأنف، والجزاء في هذا النحو موضع استئناف ألا ترى أن الجمل من الابتداء والخبر تقع فيه كقوله: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾ [الأعراف: ١٨٦] وقوله: ﴿وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ (٤) [البقرة: ٢٧١] هذا

= وأخرجها الواحدي في "أسباب النزول" ص ٣٣٢، من طريق الثعلبي. وهي رواية منقطعة، وضعيفة؛ فالضحاك لم يسمع من ابن عباس -رضي الله عنهما-. وجويبر ضعيف جداً.
(١) قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر: ﴿ويجعلُ﴾ بالرفع، والباقون بالجزم. "السبعة في القراءات" ص ٤٦٢. و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٣٦. و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٣٣.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٥٩، بنصه.
(٣) ﴿وَيَذَرُهُمْ﴾ فيها ثلاث قراءات: بالياء والرفع، والنون والرفع، وبالياء مع الجزم، والثالثة هي الشاهد من ذكر القراءة، وقرأ بها حمزة والكسائي وخلف. "السبعة في القراءات" ص ٢٩٩، و"النشر" ٢/ ٢٧٣.
(٤) سبق ذكر الشاهد في الآية الأولى، وأما الآية الثانية فلم يذكر الشاهد فيها، وهو قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ﴾ بالرفع. قرأ =


الصفحة التالية
Icon