قال مقاتل في هذه الآية: ﴿سَمِعُوا لَهَا﴾ من شدة غيظها عليهم (١) (تغيظا) وفي سماع الغيظ قولان؛ أحدهما: أن هذا من باب حذف المضاف، أي: صوت تغيظ، وغليان تغيظ، كالغضبان إذا غلا صدره من الغضب، وهذا قول أبي إسحاق (٢). ويجوز أن يكون التغيظ بمعنى: الغضب، كقوله تعالى: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [الملك: ٨] ويجوز أن يكون بمعنى: الحمي والحرارة، كما ذكرنا في قول الأخطل.
القول الثاني: أن المعنى: رأوا لها تغيظا وسمعوا لها زفيرًا، كما قال:
متقلدًا سيفًا ورمحًا (٣)
وقد تقدم لهذا نظائر (٤)، وهذا قول قطرب. والزفير: آخر نهيق

(١) "تفسير مقاتل" ص ٤٣.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٥٩. ونقله الثعلبي ٨/ ٩٣ أ. واقتصر عليه الواحدي في تفسيريه، "الوسيط" ٣/ ٣٣٥، و"الوجيز" ٢/ ٧٧٥. قال ابن عطية ١١/ ١١: وذلك أن التغيظ لا يُسمع، وإنما المسموع أصوات دالة على التغيظ، وهي ولا شك احتدامات في النار كالذي يُسمع في نار الدنيا. قال الراغب ٣٦٨: الغيظ: أشد الغضب.. ، والتغيظ: إظهار الغيظ، وقد يكون ذلك مع صوت مسموع، كما قال تعالى: ﴿سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾.
(٣) شطر بيت لعبد الله بن الزبعرى، ديوانه ٣٢، وصدره كما في الديوان:
يا ليت زوجك قد غدا
وأنشده المبرد ١/ ٤٣٢، والثعلبي في تفسيره ٢/ ٩٣ أ، ثم قال: أي: وحاملاً رمحًا. والفراء ١/ ١٢١، والبغوي ٦/ ٧٥، والقرطبي ١٣/ ٨. والبيت في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٢ (مسح)، و"اللسان" ٢/ ٥٩٣، وهو في "الخصائص" ٢/ ٤٣١. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٦٨. و"البحر المحيط" ٦/ ٤٤٥. كلها غير منسوب.
(٤) ذكر الواحدي هذه المسألة في تفسير قول الله تعالى: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ =


الصفحة التالية
Icon