رسول الله عن هذه الآية، فقال: "والذي نفسي بيده إنهم يستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط" (١).
وقال الكلبي: إذا التقوا في أبواب جهنم تضيق عليهم كتضايق الزُّجِّ في الرمح، فالأسفلون يرفعهم اللَّهب، والأعلون يخفضهم اللَّهب، فيزدحمون في تلك الأبواب الضيقة (٢). فعند ذلك يدعون بالثبور.
وقوله: ﴿وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ﴾ قال ابن عباس: يريد في الأصفاد، والأغلال. يعني: أن أيديهم قرنت إلى أعناقهم (٣). وقيل: مقرنين مع الشياطين في السلاسل (٤). وذكر مقاتل القولين؛ فقال: موثقين في الحديد

= والزُّجُّ: الحديدة التي تُركَّب في أسفل الرمح، وتركز به الرمح في الأرض. "لسان العرب" ٢/ ٢٨٥ (زجج). و"القاموس" ص ٢٤٤.
قال الزمخشري ٣/ ٢٦٠: ولقد جمع الله على أهل النار أنواع التضييق، والإرهاق، حيث ألقاهم في مكان ضيق يتراصون فيه تراصاً.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٦٨، من طريق نافع بن يزيد، عن يحي بن أبي أَسِيد، يرفع الحديث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونقله عنه الثعلبي ٨/ ٩٣ أ، وابن كثير ٦/ ٩٧، وهو فيها بلفظ: ليستكرهون. خلافاً لما في النسخ الثلاث فهي بدون اللام. ونافع بن يزيد الكَلاعي، أبو يزيد المصري، ثقة عابد، ت: ١٦٨. "التاريخ الكبير" ٨/ ٨٦، رقم الترجمة ٢٢٨٠. و"تهذيب الكمال" ٢٩/ ٢٩٦. و"التقريب" ص ٩٩٦. ويحي بن أبي أسيد ذكره المِزي، في شيوخ نافع بن يزيد، ونسبه إلى مصر. لكنّي لم أعثر على ترجمة له، ولم يذكر ابن أبي حاتم مَنْ حدثه بذلك حيث قال: قوله تعالى: ﴿وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا﴾ قرئ على يونس بن عبد الأعلى..
(٢) ذكره عن الكلبي، الرازي ٢٤/ ٥٦. وهو في "تنوير المقباس" ص ٣٠١، بنحوه.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٦٩، عن أبي صالح، بلفظ: ﴿مُقَرَّنِينَ﴾ قال: مكتفين. وذكر نحوه الثعلبي ٨/ ٩٣ أ، ولم ينسبه.
(٤) "تنوير المقباس" ص ٣٠١. وذكره الثعلبي ٨/ ٩٣ أ. ونسبه الماوردي ٤/ ١٣٤، ليحيى بن سلام. وهذا القول لا يسعفه ظاهر الآية.


الصفحة التالية
Icon