قال الفراء: الثبور مصدر، فلذلك (١) قال: ﴿ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ لأن المصادر لا تجمع، ألا ترى أنك تقول: قعدت قعودًا طويلاً، وضربته ضربًا كثيرًا فلا تجمع (٢). وقال الكلبي: هذا كله نزل في أبي جهل وأصحابه (٣).
١٥ - ثم ذكر ما وعده لمحمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فقال: ﴿قُلْ أَذَلِكَ﴾ يعني: السعير (٤) المذكور في قوله: ﴿وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا﴾ [الفرقان: ١١] وما بعده إلى قوله: ﴿أَذَلِكَ﴾ مَنْ (٥) صفته وصفة أهله ﴿خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ﴾ قال أبو إسحاق: إنْ قال قائل: كيف يقال: الجنة خير من النار؛ وليس في النار خير البتَّة؟ ثم أجاب، فقال: إنما يقع التفضيل فيما دخل في صنف واحد، والجنة والنار قد دخلا في باب المنازل في صنف واحد؛ فلذلك قال: ﴿أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ﴾ كما قال: ﴿خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٤] (٦).

= مجاهد وقتادة فقال الزجاج: ثُبِرَ الرجل فهو مثبور إذا أهلك، والثبور الهلاك، قال شمر: ومَثَلٌ للعرب: إلى أُمّه يأوى من ثَبِر؛ أي مَن أُهلِك، قال أبو عبيد: والمعروف في الثبور الهلاك، والملعون هالك. "البسيط" ٣/ ١٦٦ أ، النسخة الأزهرية.
(١) (فلذلك)، من كتاب الفراء، وهي غير موجودة في النسخ الثلاث.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٣. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٥٩.
(٣) "تنوير المقباس" ص ٣٠١. أبو جهل، هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشى.
(٤) "تنوير المقباس" ص ٣٠١.
(٥) من، ساقطة من نسخة: (ج).
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٠. وهذه الآية تدل على أن أهم شيء الفوز بالجنة، والنجاة من النار. ويشهد لهذا حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لِرَجُلِ: "مَا تَقُولُ فِي الصَّلاةِ قَالَ أَتَشَهَّدُ ثُمَّ أَسْأَلُ الله الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ أَمَا والله =


الصفحة التالية
Icon