وقال صاحب النظم: العلة في سقوط هذه القراءة: أن ﴿مِّن﴾ لا تحدث إلا على مفعول، لا مفعول دونه، فإذا كان قبل المفعول [مفعول سواه لم يحسن دخول: من، مثل قوله -عز وجل-: ﴿مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ﴾ [مريم: ٣٥] فقوله: ﴿مِنْ وَلَدٍ﴾ لا مفعول دونه سواه] (١) ولو قال: ما كان لله أن يتخذ أحدًا من ولد، لم يحسن فيه دخول: (مِن)؛ لأن (٢) الاتخاذ مشغول بـ: أحد (٣). كذلك قوله: ﴿مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ﴾ قد قامت النون المضمومة مقام مفعول، وشغل الاتخاذ به فلم تعمل: (مِن) في المفعول الذي بعده؛ لأن تأويله يكون مثل قولك: ما كان لزيد أن يتخذ من ولي. هذا كلامه. ومن أجاز هذه القراءة يجعل (مِن) صلة (٤).
قال الفراء: العرب تدخل (مِنْ) في الأسماء لا في الأخبار. ألا ترى أنهم يقولون: ما أخذت من شيء، وما عندي من شيء، ولا يقولون: ما

= قراءة وافقت العربية مطلقاً، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو تقديراً، وتواتر نقلها: هذه القراءة المتواترة المقطوع بها. ومعنى العربية مطلقاً: ولو بوجه من الإعراب.. ثم قال: والذي جمع في زماننا هذه الأركان الثلاثة، هو قراءة الأئمة العشرة التي أجمع الناس على تلقيها بالقبول، وهم: أبو جعفر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف. "منجد المقرئين" ص ١٥.
(١) ما بين المعقوفين، ساقط من (ج).
(٢) لأن فعل الاتخاذ مشغول. بزيادة: فعل. هكذا عند ابن القيم في "إغاثة اللَّهفان" ٢/ ٢٣٧.
(٣) انظر قول صاحب النظم في "إغاثة اللَّهفان" ٢/ ٢٣٧، وقد صرح ابن القيم بالنقل عنه، وهو مطابق لما نقله الواحدي.
(٤) "تفسير البغوي" ٦/ ٧٦.


الصفحة التالية
Icon