نحو: بلال، وخباب، وأبي ذر، وابن مسعود، وصهيب، وعمار، بالمستهزئين من قريش كانوا يقولون: انظروا إلى هؤلاء الذين تبعوا محمدًا من موالينا، [وأعواننا رذلة] (١) كل قوم، فقال الله لهؤلاء الفقراء: ﴿أَتَصْبِرُونَ﴾ على الأذى والإستهزاء (٢) ﴿وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ إن صبرتم. فصبروا، ولم يجزعوا. فأنزل الله فيهم: ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا﴾ [المؤمنون: ١١١] أي: في الدنيا على الأذى والإستهزاء من كفار قريش (٣).
وقال الفراء، على قول الكلبي ﴿أَتَصْبِرُونَ﴾ (٤) يقول: هو هذا الذي

= لهذا حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ منه" البخاري، كتاب الرقاق، رقم: ٦٤٩٠، الفتح ١١/ ٣٢٢. ومسلم ٤/ ٢٢٧٥، كتاب الزهد، رقم: ٢٩٦٣.
(١) ما بين المعقوفين، من "تفسير مقاتل" ص ٤٤ أ. لأن ما في النسخ الثلاث لا يستقيم به المعنى.
(٢) فليس لمن قد فتن فتنة دواء مثل الصبر. "إغاثة اللَّهفان" ٢/ ١٥٧.
(٣) "تفسير مقاتل" ص ٤٤ أ. وذكره عن مقاتل الثعلبي ٩٤ ب. ذكر الهواري ٣/ ٢٠٦، عن بعض المفسرين أن هذه الآية في الأنبياء وأقوامهم. ونسبه الماوردي ٤/ ١٣٨، ليحيى بن سلام، ويشهد لهذا قوله تعالى: قال تعالى: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ ومن السنة قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم... وقال: إنما بعثتك لأبتليك، وأبتلي بك". صحيح مسلم ٤/ ٢١٩٧، كتاب الجنة، رقم: ٢٨٦٥. ولا مانع من حمل الآية على الكل لأن بين الجميع قدراً مشتركاً. تفسير الرازي ٢٤/ ٦٦. فالخطاب لجميع الناس، لاختلاف أحوالهم. "تفسير ابن جزي" ٤٨٣. وانظر: "إغاثة اللَّهفان" ٢/ ١٥٥. فهذه الأقوال التي ذكرها الواحدي لا تعارص بينها فهي تفسير للآية بالمثال. والله أعلم.
(٤) يعني بقول الكلبي ما سبق ذكره من فتنة الشريف من قريش بمن هو دونه. وذكر =


الصفحة التالية
Icon