يقولون ذلك في الدنيا إلا استعاذة ممن يريدهم بسوء. وإذا حمل على المعنى الذي قبله، وجب أن يكون من قول الملائكة؛ لأنه إئياس منهم لهم من الخير. انتهى كلامه.
وفي الآية قول ثالث؛ وهو: أنَّ قوله: (حِجْرًا) من قول الكفار، و: ﴿مَحْجُورًا﴾ من قول الملائكة. وهو قول الحسن؛ قال: كانو إذا خافوا شيئًا قالوا: حجرًا. يتعوذون منه. فإذا كان يوم القيامة قالوا: (حِجْرًا) قالت الملائكة: ﴿مَحْجُورًا﴾ أن تُعَاذوا من شر هذا اليوم. فحجر الله ذلك عليهم يوم القيامة (١). قال الأزهري: والقول الأول أشبه بكلام العرب، والآية أحرى أن تكون كلامًا واحداً لا كلامين (٢). والله أعلم (٣).
٢٣ - قوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ قال الأزهري: يقال قدم فلان إلى أمر كذا، أي: قصده. وذكر هذه

(١) "تهذيب اللغة" ٤/ ١٣٢ (حجر) بمعناه. وعلى هذا الوقف على (حِجْراً) وقف تام، القطع والائتناف ٢/ ٤٨١، حيث نسب هذا الوقف للحسن، دون شرح القول. ولم أجد أحداً نسب هذا القول للحسن باللفظ الذي ذكره الواحدي، غير الأزهري. وذكره الرازي ٢٤/ ٧١، ونسبه للقفال، والواحدي، وفي كلامه ما يُشعر باختيار الواحدي لهذا القول؛ وهذا ليس بصواب فإن الواحدي في كتابيه: "الوسيط"، و"الوجيز"، لم يذكر هذا القول مطلقاً، وإنما ذكره هنا، وذكر بعده ردَّ الأزهري. فعبارة الرازي تحتاج إلى تحرير. وذكره القرطبي ١٣/ ٢١، وذكر عن الحسن أيضًا أيضًا قال: ﴿وَيَقُولُونَ حِجْرًا﴾ وقف من قول المجرمين، فقال الله عز وجل: ﴿مَحْجُورًا﴾ عليهم أن يعاذوا أو يجابوا.
(٢) "تهذيب اللغة" ٤/ ١٣٢ (حجر)، ويعني بالقول الأول، أن ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ من قول الملائكة.
(٣) (والله أعلم) فى (ج).


الصفحة التالية
Icon