ثم أعلم فضل أهل الجنة على أهل النار فقال (١).
٢٤ - ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ﴾ قال ابن عباس: يعني يوم القيامة (٢) ﴿خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا﴾ موضع قرار من المشركين.
قال ابن عباس: يريد في ظل عرش الرحمن.
وقال مقاتل: أفضل منزلًا في الجنة (٣). والكلام في نظير هذا وهو قوله: ﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ﴾ [الفرقان: ١٥] قد تقدم.
وقال الفراء في هذه الآية: أهل الكلام إذا اجتمع لهم أحمق وعاقل لم يستجيزوا أن يقولوا لأحدهما: هذا أعقل الرجلين. ويقولون: لا نقول ذلك إلا لعاقلين يفضل أحدهما صاحبه. وقد قال الله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا﴾ فجعل أهل الجنة خيرًا مستقرًا من أهل النار، وليس في مستقر أهل النار شيء من الخير فاعرفْ ذلك من خَطَائهم (٤).

= الأقوال التنبيه على مضمون الآية، وذلك أنهم عملوا أعمالاً اعتقدوا أنها شيء، فلما عرضت على الملك الحكيم العدل الذي لا يجور ولا يظلم أحداً، إذا إنها لا شيء بالكلية. وسبب بطلانها لفقدها شرط القبول. قال الثعلبي ٩٤ أ، أي: باطلاً لا ثواب لهم؛ لأنهم لم يعملوه لله -سبحانه وتعالى-، وإنما عملوه للشيطان.
(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٤، بنصه.
(٢) "تنوير المقباس" ص ٣٠٢. وأخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٨٠، بسنده عن سعيد بن جبير -رضي الله عنه-.
(٣) "تفسير مقاتل" ص ٤٤ ب. وأخرج نحوه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٨١، عن قتادة. وذكره السمرقندي ٢/ ٤٥٧، ولم ينسبه.
(٤) "معاني القرآن" للفراء٢/ ٢٦٧. و: خطائهم: جمع خطأ. "تهذيب اللغة" ٧/ ٤٩٩، و"لسان العرب" ١/ ٦٧ (خطأ). قال ابن عطية ١١/ ٢٨: ويظهر لي أن الألفاظ التي فها عموم مَّا ويتوجه حكمها من جهات شتى، نحو قولك: أحب، وأحسن، وخير، وشر، يسوغ أن يجاء بها بين شيئين لا شركة بينهما. واستثهد ابن كثير=


الصفحة التالية
Icon