والآخر: أن يكون حكايته حالٍ تكون، كما أنَّ قوله: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الحجر: ٢]، كذلك. وكما أنَّ قوله: ﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ﴾ [الكهف: ١٨] في أنه حكاية حالٍ قد مضت (١). وفيه قراءتان: تشديد الشين وتخفيفها (٢). والتقدير: تتشقق (٣)؛ فمن شدد أدغم التاء في الشين؛ لأن الصوت بالشين يلحق بمخارج هذه الحروف التي هي من طرف اللسان وأصول الثنايا فأدغم (٤) فيها ما أدغم في الضاد كما كانت كذلك، ومَنْ خفف حذف التاء التي أدغمها من شدد. قال أبو الحسن: الخفيفة أكثر في الكلام؛ لأنهم أرادوا الخفة فكان الحذف أخف عليهم من الإدغام (٥).
قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ﴾ قال أبو علي: المعنى: تشقق السماء وعليها غمام. وهذا كقوله: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ [الانشقاق: ١] وقوله: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ﴾ [الرحمن: ٣٧] (٦).
وقال الفراء: معناه فيما ذكروا: تشقق السماء عن الغمام. وعلى، وعن، والباء، في هذا الموضع كالواحد؛ لأن العرب تقول: رميت عن

(١) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤١، بنصه.
(٢) قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر، بتشديد الشين. وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي بالتخفيف. "السبعة" ٤٦٤. و"معاني القرآن" للفراء٢/ ٢٦٧. ومعاني القراءات للأزهري ٢/ ٢١٥. و"المبسوط في القراءات العشر" ص ٢٧١. و"التبصرة" ص ٦١٣. و"النشر" ٢/ ٣٣٤. قال ابن جرير ١٩/ ٦: هما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٤.
(٤) في "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤١: فأدغمن فيها كما أدغمن في الضاد لما كانت كذلك.
(٥) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤١، بنصه.
(٦) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤١.


الصفحة التالية
Icon