وقرأ ابن كثير ﴿ننزل﴾ مخففة من الإنزال (١) ﴿الْمَلَائِكَةَ﴾ نصبًا (٢)، فجعل الفعل من الإنزال، والمصدر على فَعَّل؛ لأن أنزل مثل نزَّل، كقوله تعالى: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨] (٣) وقال (٤):
وقد تَطَوَّيْتُ انْطِوَاء الحِضْبِ (٥)
لما كان تطويت، وانطويت متقاربان حمل مصدر ذا علي مصدر ذا (٦).
٢٦ - قوله تعالى: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا﴾ قال أبو إسحاق: الحق صفة للملك، ومعناه: أن الملك الذي هو الملك حقًا ملك الرحمن جلَّ وعزَّ يوم القيامة، كما قال عز وجل: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ [غافر: ١٦] لأن الملك الزائل كأنه ليس بملك (٧). وقال ابن عباس:

(١) "السبعة" ٤٦٤. و"معاني القراءات" للأزهري ٢/ ٢١٦. و"المبسوط في القراءات العشر" ص ٢٧١. و"التبصرة" ص ٦١٣. و"النشر" ٢/ ٣٣٤.
(٢) في (أ)، (ب): (قال مقاتل: نصباً)، ولعله خطأ من الناسخ لأن السطر الذي قبله فيه: وقال مقاتل. وهو غير موجود في "تفسير مقاتل"، ولا في (ج)، ويدل لهذا أنه عند الأزهري، في معاني القراءات ٢/ ٢١٦: نصباً. لأنه مفعول به.
(٣) قال السمين الحلبي: ومثله: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ أي: تبتلاً. الدر المصون ٨/ ٤٧٧.
(٤) وقال في (أ)، (ب). ويعني به أبا علي الفارسي، في "الحجة" ٥/ ٣٤٢، حيث ذكر البيت، ولم ينسبه.
(٥) صدر بيت لرؤبة. "ديوانه" ١٦، أنشده سيبويه، "الكتاب" ٤/ ٨٢، ونسبه لرؤبة، وقال بعده: لأن تطويت وانطويت واحد. وأنشد البيت كاملاً ونسبه الأزهري. والحضب: بالكسر: ضرب من الحيات، وقيل: هو الذكر الضخم منها، واستشهد الأزهري بهذا البيت على ذلك، والشاهد فيه: أن يكون الانطواء مصدراً لتطوى. "تهذيب اللغة" ٤/ ٢٢٥ (حضب). وذكره أبو علي، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤٢، ولم ينسبه.
(٦) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤٢.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٥. ووصف الملك بأنه حق؛ لأنه لا يزول ولا يتغير. تفسير الرازى ٢٤/ ٧٥.


الصفحة التالية
Icon