قوله: ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ قال ابن عباس: يريد مصِيرًا ﴿وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾ أي: دينًا وطريقًا (١). وهذه الآية من قِبَلِ قوله: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا﴾ [الفرقان: ٢٤]. وقوله: ﴿أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ﴾ [الفرقان: ١٥]، وقد مَرَّ (٢). قال مقاتل، في هذه الآية، يقول: هو شر منزلًا وأخطأُ طريقًا من المؤمنين (٣).
وقال أبو إسحاق: ﴿الَّذِينَ﴾ ابتداء، ﴿أُولَئِكَ﴾ ابتداءٌ ثان، وشرٌ: خبره، وهما: خبرا ﴿الَّذِينَ﴾ (٤).
٣٥ - وقوله ﴿وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا﴾ (٥) قال مقاتل

= البرسوي ٦/ ٢١٠: ولما استكبر الكفار واستعلوا حتى لم يخروا لسجدة الله تعالى حشرهم الله تعالى على وجوههم.
(١) أخرج نحوه ابن جرير ١٩/ ١٢، عن مجاهد. وأخرج ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٩٢، عن ابن عباس: ﴿وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾ يقول: وأبعد حجة.
(٢) ومثلها أيضًا قوله تعالى: ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾ [مريم: ٧٣] وقوله تعالى: ﴿فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا﴾ [مريم: ٧٥].
(٣) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ ب. بمعناه قال البيضاوي ٢/ ١٤١: والمفضل عليه هو الرسول -صلى الله عليه وسلم- على طريقة قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ﴾ [المائدة: ٦٠].
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٧.
(٥) قال الرازي ٢٤/ ٨٠: اعلم أنه تعالى لما قال: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا﴾ أتبعه بذكر جملة من الأنبياء، وعرفه بما نزل بمن كذب من أممهم. وذكر أبو حيان ٦/ ٤٥٧، أن تقديم ذكر نبي الله موسى -صلى الله عليه وسلم- لأنه نزل عليه الكتاب جملة واحدة، ومع ذلك كفروا به. وخالفه البقاعي في "نظم الدرر" ١٣/ ٣٨٥ فقال: وقدم قصة موسى -عليه السلام-، لمناسبة الكتاب في نفسه أولاً، وفي تنجيمه ثانياً. وقال في ص ٣٨٤: وفيه إشارة إلى أنه لا ينفع في إيمانهم إرسال ملَك -كما اقترحوا- ليكون معه نذيراً. أما ابن عاشور فقد ذكر (١٩/ ٢٥) أن الابتداء بذكر نبي الله موسى -صلى الله عليه وسلم- لأنه أقرب =


الصفحة التالية
Icon