يصدقون به (١).
٤١ - قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ أي: ما يتخذونك إلا مهزوؤًا به (٢). ثم ذكر أي شيء يقولون من الاستهزاء فقال: ﴿أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ أي: قالوا مستهزئيِن: أهذا الذي بعثه الله رسولَّاً إلينا (٣)؟. وجواب ﴿إذا﴾ هو ما أضمر من القول على تقدير: وإذا رأوك قالوا: أهذا الذي بعث الله (٤)؟. وقوله: ﴿إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا﴾ جملة اعترضت بين: إذا، وجوابها، والمعنى: إذا رأوك مستهزئين قالوا هذا القول؛ وهو قولهم:

(١) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ ب. أخرج ابن أبي حاتم ١٨٢ أ، عن قتادة، في قوله تعالى: ﴿لَا يَرْجُونَ﴾ أي: لا يخافون. وأخرج ابن جرير ١٩/ ١٧، عن ابن جريج: ﴿وَلاَ نُشُورًا﴾ بعثاً. قال ابن الجوزي: أي: لا يخافون بعثاً، هذا قول المفسرين. "زاد المسير" ٦/ ٩١. وقال الزجاج: الذي عليه أهل اللغة أن الرجاء ليس بمعنى الخوف، وإنما المعنى: بل كانوا لا يرجون ثواب عمل الخير، فركبوا المعاصي. "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٩. وارتضى هذا القول الرازي ٢٤/ ٨٤. وجوَّز القرطبي ١٣/ ٣٤، القولين.
(٢) "تفسير الطبري" ١٩/ ١٧. بنحوه قال أبو حيان ٦/ ٤٥٨ لم يقتصر المشركون على إنكار نبوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وترك الإيمان به، بل زادوا على ذلك بالاستهزاء، والاحتقار، حتى يقول بعضهم لبعض ﴿أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾.
(٣) ذكر مقاتل في تفسيره ٤٥ ب، أنها نزلت في أبي جهل. وكذا السمرقندي ٢/ ٤٦١. والثعلبي ٨/ ٩٩ أ. والبغوي ٦/ ٨٥. والقرطبي ١٣/ ٣٤. وأخبر بلفظ الجمع تعظيماً لقبح صنعه، أو لكون جماعة معه قالوا ذلك. تفسير أبي حيان ٦/ ٤٥٨.
(٤) ذكر النحاس ٣/ ١٦٢، أن جواب (إِذَا) هو قوله تعالى: ﴿إِنْ يَتَّخِذُونَكَ﴾ لأن معناه: يتخذونك. وأشار إلى القول الذي ذكره الواحدفي بقوله: وقيل: الجواب محذوف؛ لأن المعنى: قالوا: أهذا الذي بُعث هو ﴿الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾.


الصفحة التالية
Icon