قال ابن عباس: يريد أهل مكة في ﴿يَسْمَعُونَ﴾ ما يذكَرهم به سماع طالب للفهم (١) ﴿أَوْ يَعْقِلُونَ﴾ أي: يميزون الهدى من الضلالة ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ﴾ قال مقاتل: في الأكل والشرب، لا يلتفتون إلى الآخرة (٢). وقال الكلبي: شبههم بالأنعام في المأكل والمشرب لا تعقل غيره (٣). وقال الزجاج: في قلة التمييز فيما جعل دليلًا لهم من الآيات، والبرهان (٤) ﴿بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ قال ابن عباس: يريد أن البهائم ليس عليها عقاب ولا لها ثواب (٥). وهذا معنى قول الكلبي؛ لأنها لا حجة عليها (٦).
قال مقاتل: يقول الله: بل هم أخطأ طريقًا من البهائم؛ لأنها تعرف ربَّها وتذكره، وأهل مكة لا يعرفون ربهم فيوحدونه (٧). وهذا المعنى أراد الزجاج؛ فقال: لأن الأنعام تسبح بحمد الله، وتسجد له، وهم كما قال الله
(١) "تفسير الثعلبي" ٨/ ٩٩ ب.
(٢) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ ب. وأخرج ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٠٠، بسنده عن ابن عباس قال: مثل الذين كفروا كمثل البعير والحمار والشاة، إن قلت لبعضهم: كل، لم يعلم ما تقول غير أنه يسمع صوتك، كذاك الكافر إن أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وعظته لم يعقل ما تقول غير أنه يسمع صوتك.
(٣) "تنوير المقباس" ص ٣٥٣.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٩. بنصه.
(٥) "تنوير المقباس" ص ٣٠٣. بنصه.
(٦) "تنوير المقباس" ص ٣٠٣، بمعناه.
(٧) "تفسير مقاتل"ص ٤٦ أ.