قال الشاعر:

هلا سالت القوم يا ابنة مالك إن كنت جاهلة بما لم تعلمي (١)
فإن قيل: هل كان يحتاج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن يسأل عن الله أحدًا؟
قيل: يحتمل أن يكون الخطاب له، والمراد به غيره. ويحتمل أن يكون كقوله تعالى: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ﴾ [يونس: ٩٤] وقد ذكرنا ما قيل فيها مستقصى (٢).
وكان ابن جرير، يذهب إلى أن الباء صلة؛ ويقول: المعنى: فاسأله خبيرًا، ويذهب إلى: أن ﴿خَبِيرًا﴾ منصوب على الحال (٣).
قال أبو علي الفارسي: قوله ﴿فَاسْأَلْ بِهِ﴾ مثل سل عنه، فأما ﴿خَبِيرًا﴾ فلا يخلو انتصابه من أن يكون على أنه حال، أو مفعول به، فإن
= القرآن" ص ٥٦٨. وأنكر علي ابن سليمان هذا القول: لو لقيت فلانًا لقيك به الأسد؛ أي: للقيك بلقائك إياه الأسد. "تفسير القرطبي" ١٣/ ٦٣. ورد ذلك أيضًا الألوسي ٧/ ٣٨؛ فقال: والسؤال كما يعدي بعن، لتضمنه معنى التفتيش يعدى بالباء لتضمنه معنى الاعتناء.. فلا حاجة إلى جعلها بمعنى عن، كما فعل الأخفش، والزجاج.
(١) البيت لعنترة، من معلقته، "ديوانه" ص ٢٥. وقد نسب البيت في "تفسير الشوكاني" ٤/ ٨١، لامرئ القيس، ولعل ذلك خطأ؛ لأنه ذكر بعده مباشرة البيت السابق منسوبًا لامرئ القيس أيضًا. والله أعلم.
(٢) قال الواحدي: اختلفوا في هذا الخطاب لمن هو؛ فقال أكثر أهل العلم: هذا الخطاب للرسول -صلى الله عليه وسلم-، والمراد غيره من الشكاك.. ثم نقل عن أبي إسحاق الزجاج قوله: هذا أحسن الأقوال.. ثم قال: وذكروا في هذه الآية أقوالًا متكلفة بعيدة فلم أحكها. سورة يونس: ٩٤.
(٣) حكاه عن ابن جرير النحاس، "القطع والائتناف" ٢/ ٤٨٦، وهو في "تفسير ابن جرير" ٢٨/ ١٩، وساقه بسنده عن ابن جريج.


الصفحة التالية
Icon