والبروج، بمعنى: القصور؛ ذكرنا تفسيرها عند قوله: ﴿وَلَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء: ٧٨] (١).
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا﴾ قالوا: هو الشمس، نظيره قوله: ﴿وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا﴾ (٢) [نوح: ١٦]. وقرأ حمزة والكسائي: (سُرُجًا) (٣) قال الزجاج: أراد الشمس، والكواكب معها (٤). ومن حجة هذه القراءة قوله: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ [الملك: ٥] فشبهت الكواكب بالمصابيح في قوله: (سُرُجًا) كما شبهت المصابيح بالكواكب؛ في قوله: ﴿الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ﴾ [النور: ٣٥] والمعنى: مصباح الزجاجة، ويدلك قول امرئ القيس:

سموت إليها والنجوم كأنها مصابيح رهبان تشب لقُفَّال (٥)
(١) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: والبروج في كلام العرب: القصور والحصون، وقال ابن المظفر: البروج بيوت تبنى على سور المدينة، وبروج الفلَك اثنا عشر، كل برج فيها ثلاثون درجة، وأصلها في اللغة: من الظهور، ومنه يقال: تبرجت المرأة، إذا أظهرت محاسنها.
(٢) "تفسير مقاتل" ص ٤٦ ب. و"تنوير المقباس" ص ٣٠٥. و"معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٧١، واستشهد عليه بالآية. و"مجاز القرآن" ٢/ ٧٨. وأخرجه عن قتادة، عبد الرزاق ٢/ ٧٠، وابن جرير ١٩/ ٣٠، وابن أبي حاتم ٨/ ٢٧١٧. وهو قول الهوَّاري ٣/ ٢١٦. والزجاج ٤/ ٧٤. والثعلبي ٨/ ١٠١ ب.
(٣) "السبعة في القراءات" ص ٤٦٦، و"الحجة" ٥/ ٣٤٧. و"النشر" ٢/ ٣٣٤.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٧٤.
(٥) هذا بنصه، في "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤٧، من قوله: ومن حجة هذه القراءة. وعنه أنشد بيت امرئ القيس، ورواية الديوان هي:
نظرت إليها والنجوم كأنها مصابيح رهبان تشب لقفال
سموت إليها بعدم نام أهلها سمو حَبَابِ الماء حالاً على حال
"ديوان امرئ القيس" ص ١٨٢. وفي "حاشية الديوان: تشب لقفال: توقد =


الصفحة التالية
Icon