ويعكِف، ويفسُق ويفسِق، ويحشُر ويحشِر، إذا ضَيَّق ولم يُنفق إلا قدر ما يُمسك الرَّمَق (١). ومثله: أقتر.
قال أبو عبيد: وهي ثلاث لغات، معناها: لم يضيقوا في الإنفاق (٢). وقال غيره: قَتَر إذا ضَتَّق، وأقتر إذا أَقلَّ وافتقر، والمقتر، ضدُ الموسر، قال الله تعالى: ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦] وقال الشاعر:
لكم مسجد الله المزوران والحصا... لكم قِبصُهُ من بين أثْرى وأقترا (٣)
تقديره من بين رجل أثرى، ورجل أقتر، فأقام الصفة مقام الموصوف، وعلى هذا معنى: ﴿وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ لم يفتقروا في إنفاقهم؛ لأن المسرف مُشرف على الافتقار لسرفه في إنفاقه (٤).
واختلفوا في معنى هذا الإسراف والإقتار؛ فقال الكلبي، والنخعي: هذا في الإنفاق على العيال، إذا أنفقوا على أهلهم وعيالهم وعلى أنفسهم
(٢) قال ابن جرير ١٩/ ٤٠: كل هذه القراءات... بمعنى واحد، فبأيتها قرأ القارئ فمصيب. وكذا الأزهري في "معاني القراءات" ٢/ ٢١٨.
(٣) البيت للكميت بن زيد يمدح بني أمية، المسجدان: مسجد مكة والمدينة، أي: لكم العدد الكثير من جميع الناس، المثري منهم والمقتر. "لسان العرب" ٣/ ٢٠٥ (سجد). وأنشده الأزهري، "تهذيب اللغة" ٨/ ٣٨٥ (قبص)، ولم ينسبه، ثم قال: أي من بين مُثرٍ ومُقلٍ، واستشهد به على أن القبص: العدد الكثير. وذكره أبو علي، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤٨، ولم ينسبه. وكذا الأنباري في "الإنصاف" ٢/ ٧٢١، والطبرسي ٧/ ٢٧٧.
(٤) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٤٨، من قولى: قتر إذا ضيق.