وإنما الصراري جمع صُرَّاءٍ، وهو مفردٌ نحو: حُسَّانٍ (١)، فَكَسَّرَه ككُلَّابٍ، وكَلاَليب؛ لأن الصفة تُشَبَّه في التكسير بالأسماء. ويدل على أن الصُرَّاء واحدٌ قول الفرزدق:

أَشاربُ قهوةٍ وخدينُ زِيرٍ وصُرَّاءٍ لفسوته بُخارُ (٢)
قوله: ﴿قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ (٣) قال الفراء: ولو قرئت: قُرَّاتِ أعين؛ لأنهم كثير، كان صوابًا. والوجه التقليل: ﴿وقُرَّةَ﴾؛ لأنه فعل، والفعل لا يكادون يجمعونه، ألا ترى أنه قال: ﴿وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ [الفرقان: ١٤] فلم يجمعه، وهو كثير. والقُرَّة: مصدر، تقول: قَرَّت عينُك قُرَّةً (٤).
= / ٣٥٣، ونسبه للعجاج. وكذا في "لسان العرب" ٤/ ٤٥٤ (صرر)، وفيه: وصواب إنشاد بيت العجاج: جذبُ برفع الباء؛ لأنه فاعل لفعل في بيت قبله.
(١) في "لسان العرب" ٤/ ٤٥٤ (صرر): وكان أبو علي يقول: صراءٌ واحد، مثل: حُسَّانٍ للحَسَن.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٥٣، بنصه، ونسب البيت للفرزدق، وعزاه المحقق لديوانه ١/ ٣٨٨، وأنشده في "لسان العرب" ٤/ ٤٥٤ (صرر)، منسوبًا للفرزدق؛ وفيه: أشاربُ خمرة. وفيه: ولا حجة لأبي علي في هذا البيت؛ لأن الصراري الذي هو عنده جمع، بدليل قول المسيب بن عَلَس، يصف غائصًا أصاب درة:
وترى الصراري يسجدون لها ويضمهما بيديه للنحر
(٣) ﴿قُرَّة أَعْيُنٍ﴾ كل ما تقر به عين الإنسان، ومعنى ذلك: أن الرجل إذا فرح بالشيء خرج من عينه ماء بارد، وهو القَرُّ، وإذا اغتم وبكى خرج من عينه ماء ساخن، فيقال: سخن الله عينه، إذا دعوا عليه، وإذا دعوا له: أقر الله عينه، ويقال: معنى أقر الله عينه، أي: غنم، وقيل: أقر الله عينه، أي: بلغه الله مراده حتى تقر عينه فلا تطمح إلى شيء وتستقر. "إعراب القراءات السبع وعللَّها" ٢/ ١٢٨.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٧٤. بنصه. قال الألوسي ١٩/ ٥٢: اختير الأعين جمعاً للعين الباصرة، والعيون جمعاً للعين الجارية، في جميع القرآن الكريم.


الصفحة التالية
Icon