وعلى هذا المعنى بل كلام مقاتل (١).
وقال آخرون: هو مفعولٌ له. أي للعبث (٢).
وهو اختيار الأزهري (٣). وعليه دلّ كلام ابن عباس لأنه قال: يريد كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عذاب عليها، مثل قوله: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: ٣٦] أي يهمل كما تهمل البهائم (٤).
والمعنى على هذا القول: أفحسبتم أنكم خلقتم للعبث فتعبثوا ولا تعملوا بطاعة الله (٥). وهذا المعنى أراد علي -رضي الله عنه- في قوله: يا أيها الناس اتقوا الله (٦)، فما خلق امرؤ عبثًا فيلهو، ولا أهمل سدى فيلغو (٧).
وهذا الوجه هو الاختيار لقوله: ﴿وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ (٨) أي: وحسبتم أنكم إلينا لا ترجعون في الآخرة للجزاء.
١١٦ - قوله تعالى: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ﴾ قال مقاتل: ارتفع أن يكون خلق (٩) شيئًا عبثا، ماخلق شيئًا إلا لشيء (١٠).

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٣ ب وفيه: لعبًا وباطلاً لغير شيء.
(٢) ذكره الثعلبي ٣/ ٦٥ ب ونسبه لبعض نحاة البصرة.
وانظر: "الكشاف" ٣/ ٤٥، "الإملاء" للعكبري ٢/ ١٥٢، "البحر المحيط" ٦/ ٤٢٤، "الدر المصون" ٨/ ٣٧٤.
(٣) "تهذيب اللغة" للأزهري ٢/ ٣٣٢ (عبث).
(٤) ذكر هذا القول البغوي ٥/ ٤٣٢، والقرطبي ١٢/ ١٥٦ ولم ينسباه لأحد.
(٥) لفظ الجلالة ليس في (أ).
(٦) في (ظ): (ربَّكم).
(٧) ذكره عنه الثعلبي ٣/ ٦٥ ب.
(٨) في (أ): (أنَّكم).
(٩) (خلق) ساقط من (أ).
(١٠) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٣ ب - ٣٤ أ.


الصفحة التالية
Icon