والنكرة (١) إنما توصل ثم يخبر عنها بخبر سوى الصلة. قال: رجل (٢) أعجب إليّ رجل لا يقوم. ويقبح أن تقتصر على صلتها وتجعلها الخبر كقولك: رجل ضربته؛ إذ (٣) كنت كالمنتظر بعد الصلة ويحسن في الجواب؛ لأنَّ القائل يقول لك: من في الدار؟ فتقول: رجل (٤).
وقال المبرّد: ﴿سُوَرُةُ﴾ رفع على خبر الابتداء، لا على الابتداء لأنَّها نكرة، وتأويله: هذه سورة أنزلناها، ونظير ذلك قولك: رجلٌ والله، أي هذا رجلٌ، وذلك إذا قلت: خير، عند قول القائل: ما أمرك؟ فإنما التقدير: هو خير، أو: أمري خير. وذلك قول القائل عند شدة البرد والحر: برد شديد وحر شديد (٥).
وقال الزَّجاج: وجه الرفع: هذه سورة أنزلناها. ورفعها بالابتداء قبيح، لأنها نكرة و ﴿أَنْزَلْنَاهَا﴾ صفة لها (٦).
قوله ﴿وَفَرَضْنَاهَا﴾ قرئ بالتخفيف والتشديد (٧).
قال أبو إسحاق: من خفف فمعناها: ألزمناكم العمل بما فرض فيها.
(٢) (رجل) ساقطة من (ع).
(٣) في (ظ)، (ع): (إذا).
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٤٤ مع اختلاف وتصرّف.
(٥) ذكره القرطبي في "تفسيره" ١٢/ ١٥٨ عن المبرد باختصار.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٢٧. وفيه: فأما ارفع فعلى إضمار هذه سورة. وقد تقدّم ذكر قول السمين في بيان المسوّغ للابتداء بالنكرة.
(٧) قرأ ابن كثير وأبو عمرو (وفرَّضْناها) بالتشديد، وقرأ الباقون بالتخفيف (وفَرَضْناها). انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ٤٥٢، و"التيسير" للداني ص ١٦١ و"الغاية" للنيسابوري ص ٢١٧، و"النشر" لابن الجزري ٢/ ٣٣٠.