وقال ابن عباس في رواية عطاء، والكلبي: من المخلوقين (١)، المعللين بالطعام والشراب (٢)
قال الفراء: أي إنك تأكل الطعام والشراب، وتسحر به وتعلَّل، وأنشد للبيد:

فإن تسألينا فيمَ نحنُ فإننا عصافيرُ من هذا الأنامِ المُسَحَّرِ (٣)
والمُسَحَّر: المُعَلل بالطعام والشراب مرة مرة، يقال: سَحَره أي: عَلله. والمعنى: إنما أنت بشر. وذكر الفراء قولًا آخر؛ فقال: المُسَحَّر: المجوف، كأنه والله أعلم من قولك: انتفخ سَحْرُه (٤). قالوا له: لست بمَلَك إنما أنت بشر مثلنا (٥). وعلى هذا سُمِّى المجوف مسحرًا تشبيهًا بالسحرة إذا انتفخ فصار مجوفًا على ما زعم الفراء. وذكر أبو عبيدة، والزجاج قولًا آخر في ﴿الْمُسَحَّرِينَ﴾ قال أبو عبيدة: أي ممن له سَحَر،
(١) أخرجه ابن جرير ١٩/ ١٠٢.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١١٥ ب. و"تفسير البغوي" ٦/ ١٢٤. واختار هذا القول ابن جرير ١٩/ ١٠٣، فقال: "والصواب من القول في ذلك عندي: القول الذي ذكرته عن ابنِ عباس، أن معناه: إنما أنت من المخلوقين الذين يُعلَّلون بالطعام والشراب مثلنا، ولستَ ربًّا، ولا ملَكاً فنطيعك، ونعلم أنك صادق فيما تقول".
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٢، ولم ينسب البيت. وأنشده أبو عبيدة ٢/ ٨٩، ونسبه للبيد بن ربيعة. وذكره السمرقندي، في تفسيره ٢/ ٤٨١، من إنشاد ابن عباس. وذكره الثعلبي ٨/ ١١٥، من إنشاد الكلبي. وأنشده الأنباري، ونسبه للبيد، الزاهر في معاني كلمات الناس ١/ ٢٠٦، والبيت من قصيدة للبيد يذكر فيها مَنْ فقد من قومه، ومن سادات العرب، ولتأمل في سطوة الموت، وضعف الإنسان إزاءه. "ديوان لبيد": ٧١.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٢.
(٥) هذا القول في "تنوير المقباس" ٣١٢.


الصفحة التالية
Icon