وفيه قول آخر؛ روى داوود بن أبي هند، عن محمد بن أبي موسى، قال: كنت واقفًا مع عبد الله بن مطيع بن الأسود بعرفات؛ فقرأ هذه الآية: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ﴾ قال: لو نزل على جملي هذا فقرأ عليهم ﴿مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ (١). وهذا القول أليق بما بعده.
قال أبو إسحاق: (الأعجمين) جمع أعجم، والأنثى عجماء، والأعجم الذي لا يفصح، وكذلك الأعجمي، فأما العَجَمِي فالذي من جنس العجم أفصح أو لم يفصح (٢).
قال أبو علي الفارسي: أعجم صفة (٣)، كأحمر؛ لأنه قد وُصف به في النكرة، وهو قوله:

.......... كما أَوتْ حِزقٌ يمانيةٌ لأعجمَ طِمْطِم (٤)
وقد دخلته الألف واللام على حد دخولها على أحمر، للتعريف في قولهم: زياد الأعجم، فقد علمت لجريه على النكرة، ودخول لام التعريف
(١) أخرجه ابن جرير ١٩/ ١١٤، من طريقين. وكذا ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٢٠.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٠٢. و"معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٣، بمعناه. والزاهر في معاني كلمات الناس ٢/ ٥٦.
(٣) كلمة: صفة، مكررة في نسخة (أ)، (ب).
(٤) هكذا أنشده أبو علي، "الإغفال لما أغفله الزجاج" ٢/ ٢١٣ ب. والبيت لعنترة، من معلقته، وصدره كما في الديوان ٢٠:
تأوي له قُلُص النعام كما أوت
ورواية البيت في "شرح التبريزي" ص ١٦٢:
يأوي إلى حِزق النعام كما أوت
وقال في شرحه: يأوي هذا الظليم إلى حزق النعام، وهي: جماعاتها، واحدتها: حزقة، وحزيقة، والطمطم: الذي لا يفصح شيئاً، شبه النعام حول هذا الظليم بقوم من اليمن حول رجل من العجم يسمعون كلامه، ولا يفهمونه، وخص أهل اليمن لقربهم من العجم، يعني: الحبش، وملابستهم لهم.


الصفحة التالية
Icon