وهذا الذي ذكره (١) مختصر مما بسطه الفراء؛ وهو أنه قال: لك ﴿إن﴾ تعطف على مجزوم الجزاء بفَعَل؛ لأن الجزاء يصلح في موضع يفعَل فعل (٢)، ألا ترى أنك تقول: إن زرتني زُرتك، وإن تزرني أزرك، والمعنى واحد، ولذلك صلح ﴿فَظَلَّتْ﴾ مردودة على يفعل، وأنشد:
إن يسمعوا ريبةً طاروا بها فرَحًا (٣)
بمعنى: يطيروا.
قال أبو علي فيما أصلح على أبي إسحاق: اعلم أن الجزاء يكون على ثلاثة أضرب: يكون بالفعل وبالفاء وبإذا، فإذا كان بالفعل جاز أن يقع الماضي موضع المستقبل في الجزاء كما جاز أن يقع موقعه في الشرط؛ لأن الحرف يقلب المعنى إلى الاستقبال كما تفعل ذلك لم، في النفي، ولا، في قولك: واللهِ لا فعلت، فتقول على هذا: إن أتيتني أتيتك، تريد إن تأتني آتك، فتوقع الماضي موقع المستقبل في الجزاء، كما أوقعته في الشرط، وإن كان ذلك في الشرط أبين؛ لأن الحرف يخلص عمله في الفعل [الذي يلحق بشرط (٤)، ولا يخلص عمله في الجزاء، ألا ترى أن الجزاء لا يخلو

(١) في نسخة (أ)، (ب)، هنا تكرارة وهو: في معنى المستقبل، تقول: إن أتيتني أكرمتك، معناه: أكرمك.
(٢) في "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٧٦، فعل يفعل.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٧٦، ولفظ البيت عنده:
إن يسمعوا سُبَّة طاروا بها فرحاً مني وما يسمعوا من صالح دفنوا
وأنشده أبو عبيدة، "مجاز القرآن" ٢/ ٧، وابن جني، "المحتسب" ١/ ٢٠٦، ولم ينسباه، ونسبه في "حاشية المحتسب" لقعنب بن أم صاحب، واسمه: ضمرة، أحد بني عبد الله بن غطفان.
(٤) في كتاب أبي علي: الذي هو الشرط. بدل: الذي يلحق بشرط.


الصفحة التالية
Icon