وقال مقاتل: إن الله تعالى إذا أراد أمرًا في الأرض عَلِم به أهل السموات من الملائكة، فتكلموا به، فتسمع الشياطين، وترميهم الملائكة بالشهب، فيخطفون الخطْفة، فذلك قوله: ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ قال: معناه: يلقون بآذانهم إلى كلام الملائكة (١).
وهذا التفسير غير الأول في: ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ (٢) ويشهد لهذا قوله: ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: ٣٧] ومعناه: استمع. وقال في قوله: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾ يعني: الشياطين حين يخبرون الكهنة أنه يكون في الأرض كذا وكذا (٣).
وذكر صاحب النظم قولًا آخر في: ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾؛ وهو أنه قال: يعني (كل أفاك أثيم) وأخرج فعلهم مخرج الجماعة؛ لأن قوله: (كل أفاك) يتضمن الجمع، أي: يستمعون إلى الشياطين. وعلى هذا قوله: ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ من صفة: (كل أفاك أثيم).
قال: وقوله: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾ أي: الشياطين يخبرونهم بالكذب وهم يسمعون منهم فيقصون به، فجاء قوله: ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ وقوله: (كاذبون) كالمتصل بعضها ببعض وهما مختلفان لاختلاف الأسماء فيهما؛ يعني: أن قوله: ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ من صفة الكهنة، وقوله: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾ من صفة الشياطين (٤).
(٢) هكذا في نسخة (ج): في: يلقون السمع. وفي: (أ)، (ب): ويلقون السمع.
(٣) "تفسير مقاتل" ٥٥ ب.
(٤) وذهب إلى هذا ابن قتيبة، فقال في "غريب القرآن" ٣٢١: " ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ يسترقونه".