وتبينت الخلل في قول أبي إسحاق: معنى ﴿فَظَلَّتْ﴾ فتظل؛ لأن الجزاء يقع فيه لفظ الماضي موقع المستقبل (١)، وأن الماضي لم يقع موقع المستقبل هنا من حيث ذكره، ولكن كما يقع في غير هذا الماضي بمعنى الاستقبال (٢).
وقال أبو علي (٣) في هذا الإصلاح: حيث جعل الفاء من ﴿فَظَلَّتْ﴾ جوابًا للشرط. والفاء في ﴿فَظَلَّتْ﴾ ليس جوابًا للشرط؛ بل هي للعطف على جواب الشرط؛ لأن جواب الشرط قد تقدم في قوله: ﴿نُنَزِّلْ﴾ ثم عطف عليه بالماضي، وعاد الكلام إلى ما قاله الزجاج والفراء.
وقوله: ﴿أَعْنَاقُهُمْ﴾ كثير من المفسرين يجعلون الأعناق هاهنا جمع العنق التي هي العضو (٤). وعلى هذا قال: ﴿خَاضِعِينَ﴾ ولم يقل: خاضعة، كما قال: ﴿فَظَلَّتْ﴾ لأجل رؤوس الآي، وجاز ذلك؛ لأن المؤنث إذا أضيف إلى المذكر وكان بعضًا منه جاز تذكيره، وذلك أن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون، فتُرك الخبر عن الأعناق وأُخبر عن أربابها. وهذا قول الأخفش، والفراء، والزجاج، والمبرد، وجميع النحويين؛ قالوا: يجوز أن يُترك المضاف وُيخبر عن المضاف إليه، فيكون كالخبر عن المضاف (٥)، وأنشدوا:

(١) يوجد هنا تكرار في نسخة (أ)، قدره: سطر ونصف.
(٢) الجزء الثاني من كتاب "الإغفال" ٢١٨ ب، ٢١٩ أ، ب. مع شيء يسير من الاختلاف.
(٣) لعل الصواب: وقول أبي علي؛ لأن هذا نقد لكلام أبي علي.
(٤) "تفسير ابن جرير" ١٩/ ٥٩، وقد أخرجه عن مجاهد، وقتادة.
(٥) "المقتضب" ٤/ ١٩٩، وفيه: وأما ما عليه جماعة أهل النحو، وأكثر أهل التفسير، =


الصفحة التالية
Icon