ويقال: صَلى بالنار واصطلى بها إذا استدفأ. واستقصاء تفسير هذه الآية قد تقدم في سورة طه.
٨ - وقوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ﴾ قال الفراء (أَن) في موضع نصب إذا أضمرت اسم موسى في (نُودِيَ) وإن لم تضمر اسم موسى كانت (أَن) في موضع رفع. ونحو هذا قال الزجاج (١).
وقوله: ﴿بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ﴾ قال الفراء: العرب تقول: باركه الله، وبارك عليه، وبارك فيه (٢)، قال الشاعر:

فبوركت مولودًا وبوركت ناشئًا وبوركت عند الشيب إذ أنت أَشْيَبُ (٣)
والمعنى: بورك فيمن في النار، أو على من في النار. وقال آخر:
بورك الميتُ الغريبُ كما بورِكَ نَظْمُ الرُّمان والزيتون (٤)
واختلفوا فيمن في النار؟ فالأحسن: أن الآية من باب حذف المضاف على تقدير: بورك من في طلب النار، وهو موسى عليه السلام، وكأنه تحية من الله عز وجل لموسى بالبركة، كما حيا إبراهيمَ بالبركة على ألسنة
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٦. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٠٩.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٦. وذكره النحاس، عن الكسائي. "إعراب القرآن" ٣/ ١٩٩.
(٣) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٢١ أ، ولم ينسبه. وعنه القرطبي ١٣/ ١٥٨. وذكره أبو حيان ٧/ ٥٤، ولم ينسبه. والبيت للكميت، يمدح فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- "شرح هاشميات الكميت" ٦١.
(٤) أنشده الزجاج ٤/ ٤٥، ولم ينسبه. بلفظ: نظم، واستشهد به على أنه ليس شيء يورق غصنه من أوله إلى آخره مثل الزيتون والرمان. وذكره البغدادي، "خزانة الأدب" ١٠/ ٤٦٧، بلفظ: نضح، وبلفظ: غصن الريحان، ونسبه لأبي طالب؛ عم النبي -صلى الله عليه وسلم- من قصيدة له يرثي بها مسافر بن أبي عمرو. ديوان أبي طالب ٩٣.


الصفحة التالية
Icon