وذلك أنه كان حول ذلك النور الذي رأى موسى ملائكةٌ، لهم زَجَل بالتسبيح والتقديس (١).
وقال أبو علي: ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ ومن لم يقرب منها قرب الآخذ فيها وهو موسى. يعني: أن موسى هو الآخذ منها، ألا ترى إلى قوله: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ﴾ [التوبة: ١٠١] لم يَقرب المنافقدن الذين حولهم قرب المخالِطين لهم؛ حيث يحضرونهم ويشهدونهم في مشاهدهم (٢).
﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قال ابن عباس: نزه نفسه (٣).
٩ - قوله تعالى: ﴿يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ قال مقاتل: إنَّ النور الذي رأيت ﴿أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (٤).
[وقال الكلبي: ﴿يَا مُوسَى إِنَّهُ﴾ إنَّ ذلك النور ﴿أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾] (٥) فجعلا الكناية في (إِنَّهُ) عن النور. وهو فاسد من وجهين؛ أحدهما: أن النور لا يجوز أن يكون الله تعالى. والثاني: أن المذكور في القرآن النار، وكني عنها بالتأنيث كقوله: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا﴾ [لقصص: ٣٠] وقوله: ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ فلو كان الأمر على ما ذُكر لقيل: إنها؛ والصحيح: أن الكناية في قوله:

(١) "تفسير الوسيط" ٣/ ٣٦٩. و"تفسير البغوي" ٦/ ١٤٥، ولم ينسبه. والزَجَل: رفع الصوت الطَرِب. "تهذيب اللغة" ١٠/ ٦١٦ (زجل).
(٢) هكذا في نسخة (ج). وفي نسخة أ: لم يقرب المنافق الذي حولهم قرب بالمخاطبين لهم. وفي نسخة ب: لم يقرب المنافقون الذي حولهم قرب بالمخاطبين لهم.
(٣) "تنوير المقباس" ٣١٦، وذكره الواحدي في "الوسيط" ٣/ ٣٦٩، ولم ينسبه. وذكره الماوردي ٤/ ١٩٥، عن السدي، من كلام موسى عليه الصلاة والسلام.
(٤) "تفسير مقاتل" ٥٧ أ.
(٥) ما بين المعقوفين غير موجود في نسخة (ج).


الصفحة التالية
Icon