١٤ - قوله: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا﴾ أي: أنكروها، ولم يقروا بأنها من عند الله قال قتادة: الجحود لا يكون إلا من بعد المعرفة (١). وقال المبرد: لا يكون الجحود إلا لما قد علمه الجاحد، كما قال عز وجل: ﴿فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام: ٣٣] (٢).
قال أبو عبيدة: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا﴾ جحدوها، والباء: زائدة، وأنشد:
نضرب بالسيف ونرجو بالفرَج (٣)
﴿وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ أنها من الله (٤)، وأنها ليست بسحر (٥) ﴿ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ قال السدي: هذا من التقديم والتأخير. ونحو هذا قال مقاتل (٦).
قال الزجاج: المعنى: وجحدوا بها ظلمًا، وعلوًا، ترفعًا عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى، فجحدوا بها وهم يعلمون أنها من الله (٧).

= والشمس مؤنثة؛ لأن الشمس بمعنى: الضياء والنور، فحمل الكلام على تأويلها فذُكِّر، وأعان على التذكير أيضًا أن الشمس ليست فيها علامة التأنيث فلما أشبه لفظها المذكر وكان تأويلها تأويل النور صلح التذكير من هاتين الجهتين.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٥٢.
(٢) "تأويل مشكل القرآن" ٣٢٢، ولم ينسبه.
(٣) أنشده كاملًا أبو عبيدة، "مجاز القرآن" ٢/ ٥٦، ولم ينسبه، وقبله:
نحن بنو جعدة أصحاب الفَلَجْ
وأنشده ابن قتيبة، "تأويل مشكل القرآن" ٢٤٩، ولم ينسبه، وكذا البغدادي، "الخزانة" ٩/ ٥٢١، ثم نقل عن أبي عبيدة: الفلج: بفتح الفاء واللام، موضع لبني قيس. وهو في "ديوان النابغة الجعدي" ٢١٦. والشاهد الباء الثانية، أما الأولى فللاستعانة. "مغني اللبيب" ١/ ١٠٨.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٨.
(٥) "تفسير مقاتل" ٥٧ أ.
(٦) "تفسير مقاتل" ٥٧ أ.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١١١.


الصفحة التالية
Icon