قوله: (وَقَال) أي: قال سليمان لبني إسرائيل (١) ﴿عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾ (٢) وهذا كالتحدث من سليمان بما أنعم الله به عليه.
قال الليث: كلام كل شيء منطقه، وتلا الآية (٣).
وقال الأصمعي: صوت كل شيء منطقه، ونُطقُه، ومنه قولهم: مالَه صامت ولا ناطق؛ الناطق: الحيوان من الرقيق وغيره سمي ناطقًا لصوته (٤).
قال الفراء: منطق الطير، يعني: كلام الطير، فجعله كمنطق الرجل إذ فُهِم، وأنشد لحميد بن ثور:

عجبتُ لها أنى يكون غِناؤها فصيحًا ولم تفغرْ بمنطقها فما
فجعله كالكلام لَمَّا ذهب به إلى أنها تغني (٥).
(١) "تفسير مقاتل" ٥٧ ب. أخرج ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٥٥، عن الأوزاعي: الناس عندنا: أهل العلم.
(٢) وقد استدل قتادة بهذه الآية على أن النملة من الطير. أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٧٩، وعنه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٥٥. وهذا ليس بلازم، قال ابن العربي فجعل الله لسليمان معجزة فهم كلام الطير، والبهائم، والحشرات، وإنما خص الطير لأجل سوق قصة الهدهد بعدها، ألا تراه كيف ذكر قصة النمل معها، وليست من الطير. أحكام القرآن ٣/ ٤٧٢. وزاده بيانًا في ٤٧٥. قال الشوكاني ٤/ ١٢٥ إنه عُلم منطق جميع الحيوانات، وإنما ذكر الطير لأنه كان جندًا من جنده يسير معه لتظليله من الشمس.
(٣) "العين" ٥/ ١٠٤ (نطق)، وليس فيه ذكر الآية، وإنما ذكرها الأزهري، "تهذيب اللغة" ١٦/ ٢٧٥.
(٤) "تهذيب اللغة" ١٦/ ٢٧٩ (نطق). وفيه الصامت: الذهب والفضة والجوهر.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٨، وفيه: تبكي، بدل: تغني. ولم ينسب البيت. وفيه: بليغًا، بدل: رفيعا. وتفتح، بدل تفغر. وأنشده الطوسي، "التبيان في تفسير القرآن" ٨/ ٨٥. وأنشده في "الوسيط" ٣/ ٣٧٢، وكذا في "وضح البرهان" ٢/ ١٣٩، منسوبًا، وذكره ابن الجوزي ٦/ ١٦٠، ولم ينسبه. وهو في "ديوان حميد بن ثور" ٤٢.


الصفحة التالية
Icon