عن ابتداء الضحك، والضحك عبارة جامعة للابتداء والانتهاء، فمعنى تبسم ضاحكًا: تبسم مبتسمًا، أو ضحك ضاحكًا، فَذِكرُ لفظ التبسم دلالة علي أن ضحكه كان تبسمًا. وذِكرُ الحال بلفظ الضحك؛ ليكون الكلام اْحسن، وليس المراد بلفظ الضحك هاهنا أكثر من التبسم (١)، ونحوهذا قيل في قول كُثَيِّر:
غَمرُ الرِّداءِ إذا تبسَّمَ ضاحكًا (٢)
وقالوا: إن أكثر ضحك الملوك تبسم. وسبب ضحك سليمان من قول النملة: التعجب؛ وذلك أن الإنسان إذا رأى ما لا عهد له به تعجب وضحك (٣).
قال مقاتل: ثم حمد ربه حين علمه منطق كل شيء، فسمع كلام النملة (٤) ﴿وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي﴾ أي: ألهمني. ونحو هذا قال ابن عباس، والمفسرون، وأهل المعاني، في تفسير ﴿أَوْزِعْنِي﴾ (٥).

= التبسم غير الضحك. البيان ٢/ ٢٢٠. وقد ذكر ابن العربي، في "أحكام القرآن" ٣/ ٤٧٦، عددًا من الأحاديث في ضحك النبي -صلى الله عليه وسلم-.
(١) قال القرطبي ١٣/ ١٧٠: أكد التبسم بقوله: ﴿ضَاحِكًا﴾ إذ قد يكون التبسم من غير ضحك ولا رضا، ألا تراهم يقولون: تبسم تبسم الغفسبان، وتبسم تبسم المستهزئين.
(٢) "ديوان كثير" ١٨٧، من قصيدة له في مدح عبد العزيز بن مروان، وعجزه:
علقت لضحتكه رقاب المال.
وفي الحاشية: غمر الرداء: كناية سعة المعروف والكرم. وأنشده ابن جني، "الخصائص" ٢/ ٤٤٥، ولم ينسبه.
(٣) نسبه بنصه، "البغوي" ٦/ ١٥٢، لمقاتل، وهو عند مقاتل ٥٧ ب، بمعناه.
(٤) "تفسير مقاتل" ٧٥ ب.
(٥) "تنوير المقباس" ٣١٧، و"معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٩، و"تفسير مقاتل" ٧٥ ب =


الصفحة التالية
Icon