الحسن (١). وإنما قال: ﴿مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ ولم يقل: من الغائبة؛ لوفاق رؤوس الآي (٢). ووجه جوازه: أن الطير من سليمان بمنزلة من يعقل، حيث فهم عنها وفهمت عنه، فهي عنده كبني آدم وغيرهم ممن يعقل، فلما كان عنده سواء قال: ﴿مِنَ الْغَائِبِينَ﴾. ثم أوعده على غيبته فقال: ﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾.
٢١ - ﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ﴾ قال ابن عباس: فتألى ليعذبنه؛ قال: والله لأعذبنه عذاباً شديدًا، قال: يريد النتف، نتف ريشه، وهو أن ينتفه ثم يلقيه بالأرض، فلا يمتنع من نملة، ولا من شيء من هوام الأرض (٣). هذا قول ابن عباس في رواية عطاء، ومجاهد وسعيد بن جبير، وهو قول جماعة المفسرين؛ قالوا: تعذيبه إياه: نتفه وتشميسه (٤).
وقال مقاتل: يعني: لأنتفن ريشه فلا يطير مع الطير حولًا (٥).
(١) لم أجده في "معاني القرآن" للأخفش.
(٢) سبق الحديث عن هذه المسألة في تفسير الآية الرابعة من سورة: (الشعراء).
(٣) "تفسير هود الهواري" ٣/ ٢٥٠، ولم ينسبه. وأخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٦٢، عن قتادة. وذكره الثعلبي ٨/ ١٢٤ ب. واستظهر هذا القول البغوي ٦/ ١٥٣.
(٤) "تفسير مجاهد" ٢/ ٤٧٠، عن مجاهد، وعبد الله بن شداد. وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٧٩، عن ابن عباس، وقتادة، وعبد الله بن شداد وأخرجه ابن أبي شيبة عن عبد الله بن شداد. وأخرجه ابن جرير ١٩/ ١٤٥، عن ابن عباس، من طرق، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد. وأخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٦٢، عن ابن عباس، وعبد الله بن شداد وقال به ابن قتيبة في "غريب القرآن" ٣٢٣.
(٥) "تفسير مقاتل" ٥٨ أ. قال ابن كثير: اختلف المفسرون فيه، والمقصود حاصل على كل تقدير. "البداية والنهاية" ٢/ ٢١.